تكنولوجيا

تلغرام.. متنفّس للمقاومة الفلسطينية أغلقت أبوابه آبل وغوغل

4 تشرين الثانى, 2023

المصدر : الجزيرة + مواقع إلكترونية

يحظى تطبيق “تلغرام” بشعبية كبيرة لدى المستخدمين لميزاته العديدة، وأبرزها سهولة إجراء المحادثات ومشاركة المعلومات أو الملفات ذات الحجم الكبير.

وقد أصبح هذا التطبيق الأكثر شهرة في الشرق الأوسط بعد انطلاق عملية “طوفان الأقصى” الجارية حاليا وما تبعها من عدوان إسرائيلي على غزة، وذلك بسبب اعتماد العديد من المستخدمين عليه في الاتصال ومتابعة الأخبار.

وفي هذا الصدد نشر مؤسس “تلغرام” بافيل دوروف على قناته العامة على التطبيق في الثامن من أكتوبر/تشرين الأول يقول: “يقوم حاليا مئات الآلاف بالتسجيل في تلغرام من إسرائيل والأراضي الفلسطينية”، مضيفا أن الشركة توفر الدعم للغتين العبرية والعربية في التطبيق. وذكر حينها أنه يجب أن يتمتع كل شخص متضرر من الحرب بإمكانية الوصول بشكل موثوق إلى الأخبار والاتصالات.

تلغرام.. منصة حماس المفضلة
قال مراسل صحيفة هآرتس الإسرائيلية لشؤون الأمن السيبراني عمر بنجاكوب إن الانتكاسات التي اعتادت إسرائيل على مواجهتها سابقا عند بداية هجمات المقاومة، كانت تتزامن عادة مع زيادة بسيطة في النشاط على تلغرام. وهو بالضبط ما حصل خلال عملية طوفان الأقصى الأخيرة، إلا أن الزيادة في النشاط على تلغرام هذه المرة كان كبيرا.

وبحسب المصادر، فإن تطبيق تلغرام لعب دوراً رئيسياً في العملية خصوصا من الناحية النفسية عند بداية الحرب. فقد سهل إيصال المحتوى إلى ملايين الأشخاص بسرعة بسبب ما اعتبره مراقبون عدم وجود رقابة قوية على المحتوى على هذه المنصة، بالإضافة إلى وجود شبكة واسعة من القنوات والمجموعات العامة.

وتعتمد حركة المقاومة الإسلامية “حماس” على تطبيق تلغرام في نشر محتواها وأخبارها، ففي هجوم السابع من أكتوبر/تشرين الأول الذي أطلقت فيه عملية طوفان الأقصى، عرضت أخبار العملية والهجوم ومقاطع الفيديو على قنواتها في تلغرام ويبلغ عددها 7 قنوات.

حماس تجد في تلغرام تطبيقا مناسبا لأخبارها وفيديوهاتها بسبب قيوده المخففة (الجزيرة)
لماذا تلغرام؟
تجد حماس في تلغرام تطبيقا مناسبا أكثر من غيره لبث أخبارها ومقاطع فيديوهاتها التي ترغب بوصولها إلى العالم، وذلك بسبب نوعية الرقابة على المحتوى، حيث لا تواجه المنشورات الخاصة بالحركة التشديد الصارم المتبع في المنصات الأخرى.

ومن ميزات تلغرام أيضا سهولة جمع جمهور كبير حيث يمكن أن تحتوي القنوات العامة على عدد غير محدود من المشتركين، والمجموعات الخاصة على 200 ألف عضو، وهو أكثر بكثير من الحد الأقصى المسموح به في واتساب الذي يسمح بالوصول إلى 1024 عضوا فقط.

كما يحتوي تلغرام أيضاً على أدوات مدمجة لنشر المحتوى على منصات أخرى، ومن ذلك على سبيل المثال إمكانية تحميل أي نوع من الملفات يصل حجمه حتى 2 غيغابايت ومشاركته على منصات أخرى لا تسمح بتحميل هذا الحجم من الملفات خصوصا ملفات الفيديو. وهذا جعل من تطبيق تلغرام جسراً للمحتوى بين الشبكات الاجتماعية والمنصات الأخرى.

وقد ساعدت هذه الميزة حركة حماس على جذب المستخدمين من مختلف مواقع التواصل الاجتماعي مثل “فيسبوك” و”إكس” و”إنستغرام” إلى قنواتها على تلغرام لرؤية التطورات من طرفها.

وقد تضاعفت متابعة قنوات تلغرام التابعة لحماس بسرعة في الأيام الخمسة الأولى من طوفان الأقصى، كما تضاعفت قناة “كتائب القسام” -وهي القناة المخصصة للجناح العسكري للحركة- 3 مرات من 205 آلاف مشارك إلى نحو 620 ألفا، إلى جانب زيادة عدد المشاهدات لكل منشور بمقدار 10 أضعاف.

ووفقا لتحليل مختبر البحوث الرقمية التابع لمجلس الأطلسي، فإن قناة كتائب القسام على تلغرام في العام السابق على عملية الأقصى، لم تنم إلا بمقدار 20 ألف مشترك. لكنها قبل قيام شركتي غوغل وآبل بإرسال طلبات لتطبيق تلغرام كي يزيل المحتوى الخاص بحركة حماس، فإن عدد مشتركي قناة كتائب القسام اقترب من 800 ألف. أما حالياً بعد تنفيذ طلبات الإزالة والحذف فإن عدد المشتركين تراجع إلى نحو 670 ألفا.

عدد مشتركي قناة القسام في تلغرام ناهز 800 ألف لكنه تراجع بعد التضييق على محتواها (الفرنسية)
تلغرام.. تقييد يقطع الأنفاس
حظر تطبيق تلغرام عددا من القنوات المرتبطة بحركة حماس، وذلك بعد ضغوط كبيرة تعرضت لها كل من آبل وغوغل من مجموعات خارجية لإجبار تلغرام على حظر القنوات التي ادعت تلك المجموعات أنها تنتهك شروط خدمة متجري آبل وغوغل التي يتم تنزيل تطبيق تلغرام من خلالهما.

وبينما حُظرت الحسابات المرتبطة بحماس عبر معظم الشبكات الاجتماعية الرئيسية الأخرى، كان تطبيق تلغرام أحد المنصات المركزية الأساسية للحركة، بفضل منهج التطبيق الذي يدعم حرية محتوى وسائل التواصل الاجتماعي، مما يسمح بانتشار حسابات الأشخاص الذين تأثروا بالحرب بين حماس وإسرائيل بشكل واسع.

وقامت شركة آبل بالضغط على تلغرام لإزالة القنوات وعدم السماح بوجودها على أجهزة آيفون وأجهزة آبل الأخرى.

وفي وقت لاحق، حظر تلغرام 4 قنوات للحركة على أجهزة آبل، بما في ذلك قناة كتائب القسام التي كانت تضم أكثر من 700 ألف مشترك وحساب يعرف بـ” Spokesman_2020″ الذي كان يمتلك أكثر من 500 ألف متابع.

ومن جانبه لم يؤكد المتحدث باسم غوغل ما إذا كان قد طلب من تلغرام إزالة قنوات حماس في بيان لموقع “ويرد” التقني، لكنه أشار إلى سياسات متجر التطبيقات للشركة التي تتطلب من التطبيقات تنظيم المحتوى الذي يتضمن محتوى يتعلق بما سماه “هجمات إرهابية أو يروج للعنف”. فقد قال المتحدث باسم غوغل إنه “عندما يتم اكتشاف مخالفات نتخذ الإجراء المناسب”.

ومن الواضح أن “انتهاك” قواعد متجر تطبيقات آبل وغوغل يمكن أن يؤدي إلى إزالة التطبيق من غوغل بلاي وآب ستور. وإزالة التطبيق من متاجر آبل وغوغل يجعل من المستحيل على المستخدمين الجدد تنزيل التطبيق بطريقة شرعية، ويؤدي أيضا إلى تعطيل وظائف الخدمة تدريجياً، حيث لن يكون لتطبيق تلغرام أي طريقة لإرسال تحديثات البرامج لأكثر من 800 مليون مستخدم نشط شهريا.

الإرهاب.. دعوى تسوّغ خنق حرية التعبير
تُعتبر المادة 230 التي تتعلق بحرية التعبير على الإنترنت في المحكمة العليا مفيدة للمنصات مثل تلغرام، لأنها تحمي قرارات هذه المنصات بحرية استضافة أو إزالة محتوى معين من باب حرية التعبير المكفولة بالدستور الأميركي. وهذا قد يجعل من الصعب على المدعين استخدام الإجراءات القانونية لإجبار تلغرام على إزالة محتوى حركة حماس.

غير أنه من الممكن أن يواجه تطبيق تلغرام تدقيقاً أكثر صرامة من قبل الاتحاد الأوروبي، حيث توجد لوائح تطلب من المنصات إزالة أي محتوى تصنفه في خانة “الإرهاب” في غضون ساعة واحدة من إخطارها بوجوده من قبل سلطة الاتحاد الأوروبي. ويمكن أن تواجه المنصات التي لا تمتثل لهذه اللوائح غرامات تصل إلى 4% من إجمالي إيراداتها السنوية.

وقد حذر الاتحاد الأوروبي منصات كبيرة جدا من إمكانية تغريمها بالمليارات إذا كان تعاملها مع المحتوى غير القانوني أو المعلومات الخاطئة والمضللة ينتهك قانون الخدمات الرقمية، وهو القانون الذي دخل حيز التنفيذ بالنسبة للشركات -بما في ذلك ميتا وإكس وتيك توك- في أغسطس/آب الماضي.

شارك الخبر: