لبنان

تسوية أو حرب… ماذا تخبئ إسرائيل؟

7 تموز, 2024

كتب سعد الياس في “القدس العربي”:

عادت الجبهة الجنوبية لتحتدم هذا الأسبوع بعد اغتيال إسرائيل قيادياً رفيعاً في حزب الله هو قائد وحدة «عزيز» محمد نعمة ناصر «أبو ناصر» وجاء هذا الاحتدام على وقع معاودة المفاوضات حول الهدنة في غزة وإمكان انسحابها على جنوب لبنان وفي ظل دعوات إلى حزب الله لالتقاط لحظة إعلان تل أبيب الانتقال إلى المرحلة الثالثة من أجل وقف المواجهات في الجنوب وتجنيب لبنان التورط في مزيد من التصعيد، ولاسيما أن البعض يتخوّف من استغلال إسرائيل المتغيّرات في الولايات المتحدة الأميركية وتفوّق الرئيس دونالد ترامب على منافسه الرئيس جو بايدن ليقوم رئيس وزرائها بنيامين نتنياهو بخطوة جنونية ضد لبنان وحزب الله قبل أو بعد خطابه أمام الكونغرس الأميركي في 24 تموز الحالي، الأمر الذي يفتح الأمور على كل الاحتمالات.

أكثر من ذلك، تعتبر أوساط في المعارضة اللبنانية أن أمام الموفد الأميركي آموس هوكشتاين فرصة محدودة لتحقيق اختراق بالتعاون مع الإدارة الفرنسية المتهالكة بعد صعود اليمين المتطرف للتوصل إلى تسوية مع حزب الله من خلال رئيس مجلس النواب نبيه بري قبل ذهابه إلى التقاعد مع الرئيس بايدن، وعلى الحزب الاستفادة من هذه الفرصة ومن وجود إدارة أميركية متعاونة مع الثنائي الشيعي قبل الانتخابات الرئاسية الأميركية والقبول بالمقترح المعروض من هوكشتاين قبل أن يستفيد نتنياهو من تعطل الدور الأميركي ويطلق يده العسكرية خصوصاً أن نتائج المناظرة بين بايدن وترامب أظهرت تقدم الأخير الذي له أجندته الخاصة مع إسرائيل وضد ايران.

وحسب المعطيات فإن إسرائيل ما زالت تصرّ على تراجع حزب الله مسافة 8 إلى 10 كلم عن الحدود وإنشاء منطقة خالية من الصواريخ والمسيّرات، وهو ما يرفضه أمين عام حزب الله السيد حسن نصرالله لغاية الآن، ما يفسح في المجال أمام تل أبيب لتنفيذ تهديداتها باللجوء إلى الخيار العسكري ليس بالضرورة من خلال عملية برية أنما من خلال غارات عنيفة ومدمرة تحوّل الجنوب إلى أرض محروقة وتستكمل تدمير القرى الحدودية ما بعد مسافة الخمسة كيلومترات كتلك التي طالها التدمير على تخوم الحدود. وإذا كان حزب الله يعتبر أن توازن القوى قادر على ردع إسرائيل وأن صواريخه يمكن أن تطال كل الكيان الإسرائيلي، إلا أن البعض لا يوافقه الرأي بوجود توازن رعب بدليل أن الطيران الحربي الإسرائيلي ما زال ينتهك الأجواء اللبنانية وقادر على استباحة كل المناطق اللبنانية، وأن المسيّرات ولو أسقط الحزب بعضها إلا أنها ما زالت تغتال الكوادر القيادية من وسام الطويل إلى «أبو طالب» و«أبو نعمة» على الرغم من كل الاحتياطات وكل التخفّي وتجنب استخدام الهواتف الخلوية. أما لجوء حزب الله إلى الانتقام وإطلاق دفعات كبيرة من الصواريخ عقب كل اغتيال فقد يدفع بالكيان الإسرائيلي في لحظة مناسبة إلى استغلال هذا الامر كذريعة للبدء بهجومه على الحزب ولبنان.

من هنا، تنصح الجهات الحريصة على الاستقرار في لبنان وعلى موسم الصيف بالتبصّر ومراقبة المتغيّرات الدولية من واشنطن إلى باريس فلندن المنهمكة كلها باستحقاقاتها الانتخابية وعدم إعطاء إسرائيل أي فرصة لاستغلال هذا الانهماك والشروع بتنفيذ مخططاتها في جنوب لبنان إسوة بما حصل في غزة، إذ إن حرب الإسناد والمشاغلة لم تؤت ثمارها المرجوة ولم توقف الهجوم على القطاع الذي بلغ منطقة رفح، بل أدت إلى تدمير قرى جنوبية على مسافة 5 كيلومترات ويهدّد بتدمير ما تبقّى على مسافة 10 كيلومترات في ظل أزمة اقتصادية ومالية خانقة تعاني منها الدولة اللبنانية غير القادرة على إعادة الاعمار والتي يُقابل توجهها لدفع تعويضات لشهداء الحزب برفض من أحزاب المعارضة طالما أن الدولة اللبنانية ليست هي من اتخذ قرار الحرب بل حزب الله، وبالتالي عليه هو تحمل التبعات ودفع التعويضات.

ولئن كان حزب الله على لسان كبار قيادييه وآخرهم الشيخ نعيم قاسم ما زال يستبعد توسعة الحرب في المدى القريب يؤكد استعداده لكل الاحتمالات، إلا أن تحذيرات العواصم الغربية والعربية لرعاياها من التوجه إلى لبنان هي أكثر من محاولات ضغط دبلوماسي ونفسي على الدولة اللبنانية وحزب الله لوقف المواجهات في الجنوب بل هي رسائل واضحة بضرورة أخذ التهديدات الإسرائيلية على محمل الجد وأن شبكة الأمان والحماية الدولية للبنان قد لا تصمد أمام تعنت نتنياهو الذي يريد إعادة المستوطنين إلى الشمال قبل أيلول المقبل بالطرق الدبلوماسية أو العسكرية رغم كل القيود الأميركية والفرنسية بعدما بات هؤلاء المستوطنون يشكلون عبئاً ثقيلاً. وسبق لهوكشتاين في زيارته الأخيرة لبيروت أن وصف الوضع بأنه «خطير للغاية» ما يعني أنه يتنبأ بتصعيد واسع يوصل إلى حرب مفتوحة لا قدرة لأحد على التكهّن بنتائجها والتي قد تختلف عن نتائج حرب تموز 2006 وتطيح بقواعد الاشتباك التي كانت موضوعة قبل الثامن من تشرين الأول.

شارك الخبر: