“القطوع الشيعي” مع بكركي مرّ… ولم تحدث القطيعة
كمال ذبيان-الديار
مر “القطوع الشيعي” مع بكركي ولم تقع القطيعة لان الطرفين لا يريدانها، ونجحت الاتصالات السريعة بينهما الى استيعاب ما حدث بعدم مشاركة المجلس الاسلامي الشيعي الاعلى باللقاء، الذي حصل في الصرح البطريركي مع امين سر دولة الفاتيكان بيترو بارولين، الذي تزامن وصوله الى لبنان مع عظة الاحد للبطريرك بشارة بطرس الراعي، الذي وصف فيها المقاومة بـ “الارهاب”، مما اغضب المكون الشيعي بكل اطيافه ومرجعياته السياسية والدينية، ووجهت الى رأس الكنيسة المارونية اشد الاتهمات واقسى الانتقادات والنعوت، مما خلق اشتباكا اعلاميا وسياسيا بين طائفتين لا يبشر بالخير.
ولم تمض ساعات قليلة على انتهاء لقاء بكركي بحضور الموفد الباباوي، حتى فتح الراعي ثغرة في جدار الازمة المستحدثة مع المجلس الاسلامي الشيعي الاعلى، وارسل موفدا عنه لحضور مناسبة ثقافية برعاية المجلس، وكانت فاتحة خير لتطوى الصفحة وفق مصادر شاركت في المناسبة، التي حضرها الاب عبدو ابو كسم ممثلا الراعي، والذي نقل عنه التحية والتقدير، وانه ثابت على موقفه وشعاره “شركة ومحبة”، وان وجوده (اي ابو كسم) هو تعبير عن ذلك بعدم حصول مقاطعة بل شراكة.
وقصد رئيس المجلس الاسلامي الشيعي الاعلى الشيخ علي الخطيب ان يختلي بممثلي الطوائف، بعد انتهاء المناسبة الثقافية ليؤكد بان طائفته لن تذهب الى القطيعة مع احد خصوصا بكركي، التي لم ينقطع التواصل معها سواء الشخصي بين البطريرك الراعي والشيخ الخطيب، ورد الاب ابو كسم بكلام ودي على الشيخ الخطيب، قالان ما قاله البطريرك الراعي “غيمة صيف مرت”، وهذا ما حمّله اياه سيد بكركي الذي يرفع شعار الحياد، وهو يقدر تضحيات اهل الجنوب ويحيي الشهداء الذين سقطوا على ارضه.
ولعب مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان دورا ايجابيا في عدم التداول بعدم مشاركة المجلس الشيعي، وسحب الموضوع فورا وفق ما تقول مصادر في دار الفتوى، التي رأت بان حضور المفتي دريان اللقاء كان ضروريا، لان عدم مشاركته كانت ستستغل لدى المتطرفين من الجانب المسيحي وتعميق الشرخ الداخلي، لا سيما ان البعض منهم عاد الى التذكير بمرحلة السبعينات وبوجود آلاف المسلحين لدى حزب “الاحرار”، والدعوة الى التقسيم والفدرالية. فحضور مفتي الجمهورية ساهم مع وجود شيخ عقل طائفة الموحدين الدروز الشيخ سامي ابو المنى ورئيس المجلس العلوي الاسلامي الشيخ علي قدور، على سحب فتيل فتنة يجري الاعداد لها، في وقت يواجه لبنان ومقاومته في الجنوب حربا مع العدو الاسرائيلي مساندة لغزة.
من هنا، كان اقتراح اقامة صلوات تضامن مع غزة والجنوب يوم الجمعة في المساجد ويوم الاحد في الكنائس، واعلن عن ذلك من البطريرك الراعي والمفتي دريان من بكركي بعد اللقاء، وتبع ذلك حضور الاب ابو كسم الى المجلس الشيعي، وبات كلام الراعي وراءنا تقول المصادر، التي تشير الى الحملة التي تعرض لها الراعي من اطراف حزبية وسياسية مسيحية لا سيما النائب نديم الجميل الذي اعترض على ارسال الاب ابو كسم الى المجلس الشيعي وان البطريرك استسلم امام الشيعة.
لكن ذلك لا يعني بان الانقسام حول الصراع مع العدو الاسرائيلي والنظرة اليه قد انتهى وتوحد اللبنانيون حوله، فان ما صدر عن البطريرك الراعي في عظته الاخيرة ترى فيه مصادر سياسية ، بانه يعكس خلافا عميقا يعود الى عقود لا بل الى اكثر من قرنينين من الزمن، حول لبنان في تأسيسه ومن ساهم بذلك، فهل هو فينيقي ام كنعاني ام سوري وعربي؟ وهل بناه الامير فخر الدين وامتد الى حلب وساحل فلسطين؟ ام هو من ارث اليسار ملكة صور التي وصلت الى قرطاجة في تونس؟ ام هنيبعل الذي اجتاز جبال الالب الخ…؟
انه الخلاف على الهوية والتاريخ الذي يكتب بلغات متعددة طائفية ومذهبية وعرقية وعنصرية، واتفق في الطائف ان يكون للبنان تاريخ موحد، وهو الذي يعكس نفسه في السياسة كما في الاجتماع ، حيث يرى فريق لبناني وتحديدا ماروني بان لبنان انشىء له ، وفق ما يقرأ مرجع في التاريخ ، لذلك تعود نغمة “لكم لبنانكم ولنا لبناننا” و”لا تشبهوننا”، وجرت محاولة تقسيمية من قبل “الجبهة اللبنانية” وفشلت.
فما صدر عن الراعي ودعوته الى “الحياد” يعكس نظرته الى لبنان، الذي لا علاقة له بالصراع على فلسطين واغتصاب اليهود لها ، وهو ما يرفضه لبنانيون يعتبرون ان المعركة قومية.