محاولات للتعهد بعدم فرط النصاب… بري وبكركي يتمسكان بالـ 86
“النهار”
رضوان عقيل
في صلب اللقاءات والاتصالات المفتوحة بين الكتل النيابية، ثمة موضوع لم يفارق أصحاب الشأن قبل الخوض في اسم هذا المرشح أو ذاك، وهو التعهد بتأمين نصاب جلسة الانتخاب، أي 86 نائبا. وقد ناقش الموفد الفرنسي بإسهاب هذه النقطة مع الجهات التي التقاها ليلمس منها عدم نيتها فرط جلسة الانتخاب وعدم تكرار سيناريو الجلسات السابقة التي لم تنتج رئيسا. والواقع أن ضمان تأمين النصاب وبقاء ثلثي النواب في القاعة العامة في البرلمان ومشاركتهم في جلسة انتخابية وفق دورات متتالية، كفيل بالتوصل الى انتخاب الرئيس المنتظر إذا كان هناك تصميم على إتمام الاستحقاق وعدم الاستمرار في تعطيله. ويشكّل موضوع النصاب إحدى المسلمات عند الرئيس #نبيه بري الذي لا يسمح بالقفز فوقها ولا تخطيها.
وقد درج على هذا الأمر منذ تسلمه رئاسة المجلس عام 1992، ويرى أنها تصب في مصلحة المسيحيين قبل المسلمين. ويكرر موقفه من الدعوة الى حوار او حصول تشاور بين الكتل النيابية وتلبيتها الدعوة الى جلسة انتخاب على دورات متتالية، بمعنى أنه لو حدد موعد جلسة الانتخاب يوم الإثنين فلا يمانع ان تستمر الى الخميس، على أن يقفل المحضر نهاية آخر دورة في اليوم الرابع في حال عدم التمكن من انتخاب الرئيس، لأن نوابا يقولون إن المجلس يجب أن يتفرغ لانتخاب الرئيس فقط.
وما يقصده بري هنا أنه لا يقبل بالطبع قطع الطريق على أعمال التشريع، ويرفض شل البرلمان إذا لم يقدر نوابه على انتخاب الرئيس. ورغم كل الاعتراضات على طاولة الحوار او التشاور، يكاد الأفرقاء يجمعون على هذا الطرح، ويصر بري على ثابتة أنه في حال حصول هذا الأمر تصبح طريق الانتخاب معبدة عند السير بالحوار.
ولا يمانع هنا في تعهد الكتل بعدم تطيير جلسة الانتخاب، من اي جهة كانت، مع التشديد على الحفاظ على ثلثي النواب في أي جلسة، وممنوع ان يغادروا القاعة، واذا انسحب نائب واحد وأصبح الحضور في القاعة 85 نائبا فلن يعطي بري الإذن في هذا الحالة بدوران صندوقة الاقتراع على النواب، وسيرفع الجلسة.
ويستند بري هنا الى سلسلة من المحطات الانتخابية، ويتذكر البطريرك الراحل مار نصرالله بطرس صفير واتفاقهما على الموضوع ورفضهما القفز فوق هذا الإجراء الدستوري، بمعنى ضرورة الحفاظ على نصاب كل جلسة انتخاب. ويقول رئيس المجلس انه يجري العمل وفق هذه القاعدة في كل دورات الانتخاب الرئاسية منذ عام 1926. ولا يعارض اتفاق الأفرقاء على ثلاثة أو أربعة أسماء من المرشحين والتوجه بهم الى الجلسة، وليفز الأوفر حظا في لعبة ديموقراطية لا غبار عليها.
وفي معرض دفاعه عن ضرورة التمسك بالنصاب، يستشهد بانتخاب الرئيس #بشير الجميل عام 1982 وكيف أن رئيس البرلمان آنذاك كامل الأسعد حرص على عدم التساهل بالثلثين، وكان في القاعة 62 نائبا من 99. وجرى انتخاب كل رؤساء الجمهورية بوجود الثلثين. وعندما يسمع أن كتلا معارضة لا تؤيد تمسكه و”حزب الله” بالاستمرار في ترشيح سليمان فرنجية، يرد: “عن أي ديموقراطية يتحدث هؤلاء عندما تطلب كتل في المعارضة انسحاب المرشح فرنجية من المواجهة؟”
وإذا كان نصاب الثلثين من الثوابت في تأمين جلسة الانتخاب، فإن نوابا لا يؤيدون هذا الرأي إذا تم افتتاح الجلسة ب 86 نائبا، وفي الإمكان متابعة الجلسة في الدورة الثانية أو الثالثة في رأيهم إذا انسحب نواب من القاعة وجرت متابعة عملية الانتخاب وفاز مرشح بالأكثرية المطلقة، أي 65 صوتا، ويصبح الفائز هنا في نظر هؤلاء النواب رئيسا بحسب رجال قانون ودستوريين يؤيدون هذا الرأي. ويرون أنه إذا جرى افتتاح الجلسة بالنصاب المطلوب وتناقص العدد، فيمكن إتمام الانتخابات ولو وصل العدد الى 66 نائبا، شرط أن يحصل المرشح هنا على 65 صوتا.
هذا الطرح يعتبره بري في إطار الحرتقات والاجتهادت غير الصائبة التي تضرب الميثاقية. ولا يستفيض في التعليق، لكنه يقول إنه في مثل هذه الحالة يصبح في إمكان النواب المسلمين ال 64، إضافة الى صوت نائب مسيحي فقط او العكس، ان ينتخبوا رئيسا للبلاد. وإذا كان هناك إجماع نيابي ودستوري على ضرورة فتح جلسة الانتخاب بثلثي أعضاء المجلس، أي 86، لا تخرج أصوات وتخالف هذه القاعدة التي يقول أصحابها إنه في أي جلسة وفي الدورة الأولى أو العاشرة من غير المسموح الاستمرار إذا لم يبق هذا العدد نفسه.
وتبرز هنا مواقف النائب السابق بطرس حرب الذي كانت له صولات وجولات في البرلمان قبل الطائف وبعده، مناديا بضرورة بدء الجلسة بنصاب الثلثين، ولكن المفاجأة أنه لا يعارض في الدورة الثانية انتخاب الرئيس ب 65 صوتا حتى لو تراجع عدد النواب في القاعة العامة ولم يعد نصاب الثلثين متوافرا. وهذا ما يقوله حرب لـ”النهار”، ولو اختلف هنا وصديقه رئيس المجلس في موضوع الثلثين، مع تشديده على عدم استفراد أي طائفة في عملية انتخاب رئيس الجمهورية، أو التحجج بالثلثين لمنع الانتخاب.