ملف النزوح السوري يتصدّر المشهد… الحلّ بفتح البحر؟
كتب سعد الياس في “القدس العربي”:
واجهة الأحداث في لبنان من خلال جلسة المناقشة التي عقدها مجلس النواب لاستيضاح الحكومة حول إجراءاتها لمعالجة ملف عودة النازحين إلى بلادهم.
بيروت ـ «القدس العربي»: رغم تصاعد حدة الغارات والمواجهات الميدانية بين إسرائيل وحزب الله وامتدادها إلى منطقة بعلبك ومجدل عنجر والزهراني، إلا أن ملف النزوح السوري تصدّر واجهة الأحداث في لبنان في الأسبوع المنصرم من خلال جلسة المناقشة التي عقدها مجلس النواب لاستيضاح الحكومة حول إجراءاتها لمعالجة ملف عودة النازحين إلى بلادهم وعدم اعتبار المليار يورو «رشوة» أوروبية لإبقائهم في لبنان وتحل الأجهزة الأمنية إلى حرس حدود لمنع النازحين من التوجه بحراً إلى قبرص وأوروبا. وقد انتهت هذه الجلسة إلى توصية اختلفت الآراء بشأن كونها ملزمة للحكومة أم لا في مواجهة أخطر الأزمات الوجودية، ما يطرح تساؤلات وشكوكاً حول مدى الالتزام بهذه التوصية التي نصّت على مهلة لإعادة النازحين أقصاها سنة والقدرة على تجاوز العقبات الداخلية والخارجية لانقاذ لبنان من أعباء هذه الأزمة.
وقد سألت «القدس العربي» وزير المهجرين عصام شرف الدين الذي كان تولى إدارة الملف قبل أن يُسحب من يده ويُعاد إليه من جديد عما إذا كان ملف النازحين سيتحرك بجدية هذه المرة بعد التوصية النيابية أم أننا كنا أمام خطابات لا تقدم ولا تؤخر، فقال «هذه المرة ولأنه يوجد ضغط شعبي وبرلماني ومن المرجعيات الدينية ومن أغلبية الوزراء وكل قطاعات اللبنانيين، ونتيجة الوضع الأمني المستجد والجرائم المتكررة من قبل الخارجين عن القانون ولاسيما من النازحين السوريين، اضطرت الحكومة أن تأخذ قراراً سياسياً. والأهمية هذه المرة أن التوصيات جاءت من مجلس الوزراء ومجلس النواب بشكل مشترك وأن تكون هناك لجنة وزارية تعد تقارير دورية علماً أن هذه اللجنة كانت موجودة منذ سنتين تحت إسم لجنة عودة النازحين، وإنما لم يكن هناك قرار سياسي بتنفيذ خطة وزارة المهجرين التي تقضي بعودة 15 ألف سوري كل شهر عودة طوعية مع امكانية أن يكون الفوج الأول 180 ألفاً. تمت الموافقة على الخطة من الجانب السوري وأعددنا ورقة تفاهم، إنما التلكؤ كان من قبلنا ولم يكن هناك قرار سياسي بالتنفيذ». وأضاف «نظّمنا قافلتين بشهر 10 و11 عام 2022 وبعدها سُحب الملف منا وتوقفت العودة الطوعية طبعاً بضغط أوروبي وأمريكي. وفي النهاية صار هناك قرار اليوم وتم تكليف وزارتنا مجدداً مع الوزراء المعنيين، وأعتقد أنه ستكون هناك زيارة لسوريا لكل الوزراء المعنيين: بموضوع خدمة العلم وزير الدفاع، بموضوع مكتومي القيد وزير الداخلية، بموضوع السجناء وزير العدل، وبموضوع ضبط الحدود البرية يجب أن يكون الوزراء الثلاثة مع الأمن الوطني في سوريا ووزيري الدفاع والداخلية لتفكيك الشبكات على طرفي الحدود».
ولدى سؤال وزير المهجرين عما أنتجته زيارة وزير الخارجية عبدالله بو حبيب إلى سوريا قبل فترة، تجنّب الانتقاد القاسي لهذه الزيارة لعدم فتح سجال جديد مع وزير الخارجية، واكتفى بالقول «وزير الخارجية زيارته بروتوكولية وهو كان وعد بالقيام بزيارات متكررة وتأليف لجان ثنائية إن شاء الله خير».
وفي اعتقاد الوزير شرف الدين «أن هناك إجماعاً لبنانياً كلياً على ضرورة عودة النازحين السوريين لأن كل عدد اللبنانيين في لبنان هو 4 ملايين ونصف المليون وقد سافر منهم 500 ألف ووصل مكانهم مليونان و800 ألف سوري». وفي رأيه «أن البنية التحتية في لبنان مؤهلة لخدمة اللبنانيين لغاية 10 سنوات إلى الأمام وبالكاد تكفينا، فأتانا مليونان و800 ألف وصار هناك عجز بالبنى التحتية وتكبّد لبنان تكاليف باهظة بمعدل 40 إلى 45 مليار دولار على النزوح في الوقت الذي تسلّم فقط 12 ملياراً من الدول المانحة».
ونسأل وزير المهجرين هل تم الجزم أن هبة المليار يورو ليست رشوة لإبقاء الوجود السوري غير الشرعي ولتحول لبنان شرطياً للحدود؟ فيجيب «هبة المليار يورو إذا كانت مشروطة بإبقاء النازحين في لبنان فهي مرفوضة وإذا كانت مشروطة بجعلنا حرس حدود للمنافذ البحرية أيضاً هي مرفوضة ونحن لدينا 3 مطالب: الأول في بروكسل لتأليف لجنة ثلاثية بين لبنان وسوريا ومفوضية شؤون اللاجئين، الثاني إعطاء كل الحوافز والتقديمات للنازح السوري عند عودته إلى سوريا بما يشمل التقديمات العينية والمادية والاستشفائية والاجتماعية والتربوية. المطلب الثالث أنا أطلب من رئيس الوزراء أن يدرس مسألة رفع الحصار عن سوريا لأنه يشكل العائق الأساسي أمام عودة النازحين السوريين لأن هذا الحصار ووضع الأمريكي يده على منابع النفط في شمال سوريا والسهول التي تنتج الحبوب يشكل حالة إفقار لا تساعد على عودة النازحين».
وعن الجدل الدائر بين فتح البحر أو البر أمام النازحين السوريين يقول «نعم أنا طالبت بفتح البحر أمام قوافل شرعية تستند إلى مراسيم دولية وأعراف سنة 1951 وبروتوكول 1967. وكل الدول المنضوية تحت منظمة حقوق الإنسان مدعوة لاستقبال أي نازح من أي دولة جرت فيها حرب أهلية أو محاصرة اقتصادياً، وبالتالي يمكن البدء بكندا وأمريكا الشمالية والجنوبية واستراليا وكل دول العالم، وهم ملزمون باستقبالهم ونحن لسنا حرس حدود لديهم، نحن نشجب القوارب المطاطية التي تشكل خطراً وبهذه الطريقة لا يعود هنك خطر لا على أوروبا ولا على قبرص، فليذهبوا إلى كل أصقاع العالم».
وماذا عن خوف رئيس الحكومة نجيب ميقاتي من العقوبات كما أفاد عدد من النواب في الجلسة النيابية، يجيب «الضغط موجود ونحن نعرف أن هناك عقوبات مورست على رؤساء كتل ومسؤولين في لبنان، ونحن دولة مستضعفة من دول العالم الثالث، وهناك غطرسة أمريكية وقانون قيصر الجائر».
فهل تعيق هذه العقوبات والعقبات القائمة سواء مع النظام السوري أم مع الاتحاد الأوروبي والمجتمع الدولي وضع البرنامج الزمني لإعادة النازحين وتطبيق الإجراءات القانونية بحق الوجود السوري غير الشرعي أم يكون اللبنانيون فعلاً أمام جلسة غير استعراضية وتوصية ملزمة للتنفيذ بوجود قرار سياسي؟
المصدر : القدس العربي