لبنان

ليس باللقاءات والجبهات ننقذ البلد: علينا أن نختار بين “حاءين”

29 نيسان, 2024

كتب داني حداد في موقع mtv:

عُقد لقاءٌ في معراب السبت، عنوانه العريض مواجهة حزب الله. وعُقد آخر في عاليه، لإطلاق “تجمّع دولة لبنان الكبير” هدفه “استعادة الدولة” من حزب الله. ويجري العمل على تأسيس جبهة للمعارضة تجمع “الكتائب” وآخرين. وقبلها كانت “جبهة سياديّة” لم تنتج أكثر من بيانات. يذكّرنا الأمر بمشهد من “فيلم أميركي طويل” لزياد الرحباني حين يسأل الأخير زميلاً له في المستشفى “إنت بالحركة الاجتماعيّة؟”، فيجيبه “بالحركة الوطنيّة، نعم”، فيعلّق زياد “لشو هالحركات؟”.

لا يملك معارضو حزب الله سلاحاً لمواجهته، ولا “إيران ما” لدعمهم. لا يملك العرب، ونقصد الخليج تحديداً، مشروعاً إنقاذيّاً للبنان. ولا جدوى من الرهان على دورٍ أميركي، فالتجارب السابقة لم تكن يوماً مشجّعة.
تحتاج مواجهة مشروع حزب الله، قبل أيّ أمرٍ آخر، إلى وحدةٍ داخليّة وهذه مفقودٌ الأمل منها. العلاقة، مثلاً، بين التيّار الوطني الحر و”الحزب” على “القِطعة”. ليس “التيّار” في صدد مواجهة “المشروع”، بل بعض الخيارات، مثل ترشيح سليمان فرنجيّة للرئاسة.
لكنّ حزب الله ليس حزباً عاديّاً، مثل سائر الأحزاب. هو انطلق، رسميّاً، عبر رسالةٍ مفتوحة وجّهها في ١٦ شباط ١٩٨٥ إلى “المستضعفين في لبنان والعالم”، ممّا جاء فيها: “إنّنا أبناء أمّة حزب الله التي نصر الله طليعتها في ايران وأسّست من جديد نواة دولة الإسلام المركزيّة في العالم. نلتزم أوامر قيادة واحدة حكيمة وعادلة تتمثّل بالوليّ الفقيه”.
يحتاج الانتصار على حزب الله إلى ضرب إيران، بل ربما القضاء عليها، وهذا أمر لا يتحقّق ببيانٍ أو بتغريدة. هل يعني ذلك استسلام المعارضين وتسليمهم البلد إلى من جاهر، في الرسالة نفسها، بالدعوة “إلى اختيار النظام الإسلامي الذي يكفل وحده العدل والكرامة للجميع ويمنع وحده أيّ محاولة للتسلّل الاستعماري إلى بلدنا من جديد”؟ الجواب، طبعاً لا.
لذا، قد يكون من المفيد أن ندرس جيّداً خيار الحوار مع حزب الله، ولا نتحدّث هنا عن طاولة حوار تستنسخ تجارب ماضية، أو الهدف منها التوصّل إلى تسوية رئاسيّة، بل الى نظامٍ جديد إمّا يشكّل محاولة جديدة للتعايش معاً، بعد تعثّر تجربة ما سُمّي ميثاق ١٩٤٣، أو الذهاب نحو تباعدٍ حبّي قد يسمّى لا مركزيّة إداريّة موسّعة أو فدراليّة أو تقسيماً.
إنّ هذه المشاريع الثلاثة، وغيرها، لا يمكن أن تتحقّق إلا بالحوار مع حزب الله، وبالتوافق بين اللبنانيّين. حتى الطلاق يحتاج إلى موافقة الفريقَين. لماذا إذاً نضيّع الوقت والفرص في جبهاتٍ وتجمّعاتٍ ولقاءات، بدل المضيّ نحو الهدف المباشر، خصوصاً أنّ الأزمة اليوم ليست رئاسيّة، وهذه قد تُحلّ يوماً ما، بل هي أعمق بكثير.
وما نخشاه فعلاً، إن استمرّت الأزمة طويلاً، وإن غاب الحوار، أن نبلغ مرحلة اللا عودة، وأن تتمدّد مظاهر مسلّحة خارج بيئة حزب الله، كما حصل أمس في عكار، وأن تصدر دعوات لانتخاب رئيسٍ غير مسيحي، وأن ترتفع أصواتٌ تذكّر بأعداد اللبنانيّين وتوزّعهم الطائفي، ناهيك بكيفيّة استخدام ورقة النزوح السوري التي لا تُحلّ، هي الأخرى، سوى بالحوار.

قد يتسلّل هذا الكلام إلى عقول البعض، وقد يلقى رفضاً، وربما تخويناً، من آخرين، وقد يقول قائل: كيف نتحاور مع من يملك سلاحاً؟
اعتبروه مادّةً للنقاش، أو اطرحوا بديلاً آخر غير المؤتمرات والجبهات والحركات. فما نخشاه أن يصبح رفض الحوار مادّةً للحرب. حوارٌ أو حرب؟ علينا أن نختار بين “حاءين”.

شارك الخبر: