الاستحقاق الرئاسي أسير الحرب… وفرنجية ماضٍ في معركته
كتب سعد الياس في “القدس العربي”:
لا يزال الملف الرئاسي يراوح مكانه ولم يتم تحقيق أي تقدم سواء من خلال اللجنة الخماسية أو من خلال مبادرة «تكتل الاعتدال الوطني» ولا يزال الخلاف على الحوار قائماً بين مَن يرى فيه معبراً إلزامياً لإنضاح الاستحقاق الرئاسي وبين مَن يرى فيه تكريساً لعرف مخالف للدستور عند كل انتخابات رئاسية.
وعلى الرغم من الأجواء التفاؤلية التي يحرص على بثها السفير المصري علاء موسى عقب كل لقاء أو زيارة، إلا أن المطلعين على حقيقة المشاورات يعرفون أن الاتصالات ما تزال تدور في حلقة مفرغة وأن الحل ما زال مستعصياً، وكل ما فعلته اللجنة الخماسية لغاية الآن هو إبقاء الملف الرئاسي حاضراً على طاولة البحث حتى إشعار آخر، فيما بات من المسلّم به أن هذا الاستحقاق بات مرتبطاً بتطورات حرب غزة والمواجهات الجنوبية في محاولة لاستثمار نتيجتها في الداخل اللبناني، علماً أن الحديث تراجع حول المقايضة بين قبول حزب الله فك الارتباط بحرب غزة تطبيق القرار 1701 وبين إطلاق يده في الرئاسة.
أما الخيار الثالث الذي يُحكى عنه فلا يزال أسير المواقف، وقد أكد النائب طوني فرنجية نجل رئيس «تيار المردة» المرشح سليمان فرنجيه في حديث إلى «القدس العربي» استمرار والده في خوض المعركة الرئاسية وعدم التسليم بالخيار الثالث، وقال «نحن كتلة من 4 نواب وسليمان فرنجية حصل على 51 صوتاً وحقه الديمقراطي وحقه الدستوري أن يستمر في هذه المعركة فائزاً يكون أم خاسراً، ونريد أن نعرف من هو هذا الخيار الثالث؟».
ولدى سؤاله إذا كان الاستحقاق الرئاسي مرتبطاً بحرب غزة؟ أجاب: «نحن نقول دائماً شغلة واحدة: إنقاذ البلد يبدأ بتعاون اللبنانيين بين بعضهم البعض وبالحوار، وإذا لم تكن لدينا كلبنانيين روح المسؤولية الكافية للذهاب إلى حوار غير مشروط بين كل الأفرقاء السياسيين نكون كمن يضع العصي في الدواليب وننتظر الحلول الخارجية التي بدورها تنتظر التوازنات الخارجية ومنها حرب غزة. إنما علينا ألا نلوم الخارج بل أن نلوم أنفسنا على عدم تمكننا من القيام بحوار، وهذه المسؤولية يتحملها بشكل مباشر من كانوا يعطلون الحوارات المفتوحة وغير المشروطة بين كل الأفرقاء».
وفي رأي فرنجية «أن اللجنة الخماسية تقوم بمساع وتحاول التسهيل إنما هذه اللجنة ليست هي من يقرّر، بل هناك مجلس نواب في النتيجة هو من سيقرّر ومَن سينتخب رئيساً، وهناك مكونات في هذا المجلس لا أرى أنهم يتعاطون بطريقة بناءة للوصول إلى رئاسة الجمهورية وأحمّل المسؤولية لبعض الافرقاء الذين يرفضون الحوار غير المشروط».
ولم يشأ النائب فرنجية التعليق كثيراً على عدم حضور السفير السعودي وليد البخاري إلى بنشعي ضمن وفد اللجنة الخماسية، مكتفياً بالقول «سئل سليمان فرنجية هذا السؤال وأجاب عنه وأعتبر جوابه كافياً وأتبناه كما هو، وبيتنا مفتوح وخصوصاً أمام المملكة العربية السعودية».
ويبدي فرنجية كل الارتياح للزيارة الأخيرة إلى بكركي وللقاء البطريرك الماروني مار بشار بطرس الراعي، ويقول «دائماً العلاقة جيدة مع غبطة البطريرك. أما عن مقاطعة اجتماع لجنة في بكركي فتم توضيح الأمر بأننا لا نقاطع بكركي وأن هناك لجاناً تجتمع برعاية بكركي وقد شاركنا في بعض اللجان ولم نشارك في بعضها الآخر، ولكن عندما يكون هناك شيء في بكركي واضح المعالم لم نقاطع بحياتنا».
على خط آخر، فإن عضو «تكتل لبنان القوي» النائب جورج عطالله الذي كان له دور أساسي في التوصل إلى تقاطع مع قوى المعارضة حول ترشيح الوزير السابق جهاد أزعور يؤيد فكرة أن الاستحقاق الرئاسي بات مرتبطاً بحرب غزة، ويقول «واضح الارتباط وليس على المستوى الداخلي فقط وإنما على المستوى الدولي والإقليمي» لكنه يضيف لـ «القدس العربي» أن «المشكلة أيضاً أنه على المستوى الداخلي ليست هناك نية جدية واضحة للوصول إلى حل على هذا المستوى وهناك قرار داخلي عند البعض بربط الملف بحرب غزة».
ويؤكد عطالله «أن التيار الوطني الحر في حال دُعي إلى جلسة انتخاب ما زال على تقاطعه مع المعارضة حول إسم أزعور» ولدى سؤاله عن الدعوات للذهاب إلى خيار ثالث يجيب: «حتى هذه اللحظة لا نزال على التقاطع حول إسم جهاد أزعور، وإذا لم يحصل حوار أكبر في البلد يضم كل الأطراف ويتم توافق، فإننا سنذهب إلى هذا الانتخاب فهناك المرشح الذي ندعمه وهناك مرشح آخر. وعملياً إذا لم نستطع انتخاب أحد من هذين المرشحين يصبح لزاماً على كل الأطراف أن تذهب إلى حوار جدي للوصول إلى خيار يسمى الخيار الثالث».
ونسأل عطالله يتم حوار حالياً بينكم كتيار وبين الرئيس نبيه بري هل يمكن أن يقنعكم بانتخاب الوزير فرنجية؟ فيجيب «لا، لا أعتقد ولو كنا في وارد تأييد هذا الترشيح لكنا تفادينا سنة ونصف السنة من الفراغ ولكنا انتخبناه».
أما عن وثيقة بكركي وهل ستبصر النور قريباً وهل صار اتفاق على بند السلاح؟ يقول عطالله الذي يمثّل التيار الوطني الحر في الاجتماعات التي تعمل على صياغة هذه الوثيقة: «إن شاء الله تبصر النور قريباً، وقد تقدمنا كثيراً ولا أعتقد أننا بعيدون في هذا الأمر». وعن مقاطعة «تيار المردة» لاجتماعات الوثيقة يعلّق «هذا رأيهم وقد أجروا تقييماً للوضع وكان بإمكانهم المشاركة وإذا لديهم تحفظات على أي شيء كان باستطاعتهم تقديمها، أما التذرع بأن الوثيقة مسيحية فهذا ليس دقيقاً هذا الكلام، هذه وثيقة وطنية وتطلع عليها وتشارك فيها كل الأطراف».
وبناء على ما تقدّم، يبقى الملف الرئاسي عالقاً بين معارضة تتمسك بالدستور والآليات الديمقراطية وترفض في مقدمتها القوات اللبنانية والكتائب ترفض معادلة «الحوار أو لا رئيس» وبين ثنائي شيعي في مقدمته حزب الله يرفض «رئيساً يطعن ظهر المقاومة» وبين تيار يستند إلى حليف قوي يمثله «المردة» يرفض «رئيساً ضعيفاً من دون حيثية يخاف من جبران باسيل وغيره».
المصدر : القدس العربي