لبنان

لبنان على “رفّ التوتّرات” في حال فشل مهمّة لودريان

30 آب, 2023

كتب حسين زلغوط في “اللواء”:

بالرغم من كل الاعتراضات والالتباسات التي رافقت «رسالة الأسئلة» للموفد الفرنسي جان إيف لودريان حول الاستحقاق الرئاسي فان ذلك لم يؤثر الى الآن على برنامج زيارته المتوقعة الى بيروت مطلع الاسبوع الثاني من الشهر المقبل.

من المعلوم ان لودريان أخذ على عاتقه أن يقود حوارا في لبنان لإنتاج رئيس للجمهورية، في بداية تحرّكه كان في مهمة فرنسية، وتدرّجت هذه المهمة وتطورت الى أن أصبحت مبادرة «اللجنة الخماسية» لإيجاد الحل للأزمة الرئاسية، لكن هذه اللجنة ومعها الخارج يؤكد ان ليس لديه أي مبادرة جديّة ملزمة للأطراف الداخليين للحل، لأنهم يستخدمون أمرا يعرفون فشله مسبقاً وهو الرهان على أن يتوافق اللبنانيون على رئيس للجمهورية لأن في ذلك استحالة في ظل الانشطار السياسي الموجود، ولذلك فان أي حوارا في هذه الحالة سيكون حوارا مبتورا.

والسؤال الذي يطرح هو هل ان أصحاب المبادرة يملكون الحل؟ وهل في الأساس أعضاء اللجنة الخماسية هم على قلب واحد في ما خص الحل للأزمة الرئاسية؟ الجواب بالتأكيد لا.. لماذا؟ الأميركي ساكت لكنه يريد قائد الجيش جوزاف عون رئيساً، والفرنسي الذي كان يريد سليمان فرنجية أصبح في موقع البائع والشاري، أي يقبل بأي واحد من الاثنين، والقطري والمصري يريدان العماد عون، والسعودي لن يخرج عن الموقف الأميركي، كل ذلك يوصل الى نتيجة مفادها ان الحوار في حال تمّ سيكون حواراً فاشلا ولن يؤدّي الى أية نتيجة سياسية على الإطلاق، وهذا الفشل سيدخل البلد حتما في عملية توتيرية على المستوى السياسي، ورقص على حافة الهاوية.

يقول أحد المتابعين لتحرّك الموفد الفرنسي ان لودريان لديه تجربة فاشلة في مراحل سابقة، وهنا يصحّ المثل القائل «من جرّب المجرّب.. بيكون عقله مخرّب». والسؤال هنا ماذا لو فشل رأس الدبلوماسية الفرنسية السابق في مهمته؟ الجواب: هو ان لبنان سيوضع على مفترق طويل عريض من الاحتمالات.
أولا: العالم سيصبح في حل من لبنان الذي سيوضع على رف التوترات الى أمد طويل وقد لا يتمكن المجلس النيابي الحالي من انتخاب خلف للرئيس ميشال عون.
ثانياً: ربما نصل الى مرحلة في أن تطالب أكثرية في مجلس النواب بحل المجلس الحالي.
ثالثا: وهنا الطامة الكبرى في أن نذهب الى الحلول الأخرى، أي انتخاب رئيس على الساخن، كيف؟ ينقل في هذا الإطار عن سفير دولة أجنبية قوله انه في حال تجاوز لبنان الحل على البارد، فقد يصل الى مرحلة ينتخب فيها الرئيس على الساخن، كما ان هناك خوفا في أن يتعطّل الحل ويتعذّر الوصول إليه لا على البارد ولا على الساخن، وهنا يفتح الباب واسعا أمام الفوضى والفلتان على كل الصعد، وخصوصا ان المعطيات الأمنية غير مشجّعة لا سيما في المخيمات التي تعيش على صفيح ساخن بعد أحداث مخيم عين الحلوة الذي يعيش هذه الأيام مرحلة من التوتر الشديد في ظل الفشل الحاصل في معالجة ذيول الأحداث الدامية الذي شهدها منذ أسابيع قليلة. ويخلص الى القول انه من السذاجة الرهان على إمكانية الوصول الى انتخاب رئيس للبنان في شهر أيلول، وهذا الأمر ربما لا يتحقق هذا العام.

في ظل هذا المشهد «المشوّش» أين الحوار بين «حزب الله» و«التيار الوطني الحر» مما هو قائم حاليا؟
صحيح ان الطرفين يؤكدان أهمية هذا الحوار الموجود حاليا وسط سياسة الأبواب المغلقة التي تتبعها غالبية الفرقاء، غير ان هناك من لا يرى في هذا الحوار التأثير الفعلي على الاستحقاق الرئاسي، ولا سيما ان المعلومات تتقاطع عند ان النائب جبران باسيل يتشاطر في طرح المطالب مع علمه ان ما يطالب به ليس موجودا عند حزب الله، فماذا لو وافق الحزب على مطالبه كان في ما خص اللامركزية المالية الموسّعة أو الصندوق الائتماني أو حصة «التيار» في الحكومة المقبلة أو في التعيينات الإدارية، فماذا سيكون عليه موقف باقي الأطراف، وخصوصا ان الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله كان واضحا في آخر خطاب له من ان هذا الحوار وما سيخلص إليه هو حوار ثنائي ونتائجه لا تلزم الآخرين، في دلالة واضحة على ان تحقيق مطالب باسيل ليست في يد الحزب وحده وهذا يتطلب حوارا واسعا ليشمل الأطراف كافة، هذه الحقيقة يعرفها باسيل تمام المعرفة غير ان ما يطرحه لا يعدو كونه من باب المناورة، وبذلك فان الفراغ الرئاسي سيدوم.. ويدوم.. ويدوم الى أن يصبح هناك إرادة جدّية للحل في الداخل كما الخارج.

شارك الخبر: