لا معطيات رئاسيّة مشجِّعة… ومُنازلة قاسية
كتبت كارول سلّوم في “اللواء”:
صحيح أن الإستراحة الرئاسية في الشهر الحالي طال أمدها، إلا أنها أظهرت بعد وقوع سلسلة الأحداث في البلد أن التفاهم على الرئيس العتيد لا يزال بعيدا، وأن الحل المنشود للشغور الرئاسي غير قائم لا من خلال الحوار أو غير ذلك. وفي القراءة الحالية للواقع المتصل بهذا الاستحقاق أن الداخل اللبناني ما زال منقسماً ومع مرور الأيام يزداد الإنقسام، أما في الخارج فإن اللقاءات التي تعقد كما المحادثات تركز على العنوان الكبير حول إتمام الاستحقاق وتحمّل القادة اللبنانيين المسؤولية فيه. هذه القراءة أصبح الجميع على معرفة بها، وبالتالي من المستحيل إحداث الخرق المطلوب في التعاطي السائد. لقد اعتاد كثيرون على مراحل الشغور وسيعتادون على الشغور الحالي طالما أن المبادرات مفقودة وحتى وإن وجدت فمحكومة بالفشل.
بصريح العبارة ما من معطيات في الأفق الرئاسي، والمواقف الأخيرة عكست التوجه القائل أن القوى السياسية ترغب في المنازلة في هذا الملف حتى الرمق الأخير.
المعارضة تتحضَّر لجبهة أوسع وتعمل على التوحد، في حين يحاول فريق الممانعة التماسك وعدم التنازل عن مرشحه وهو على استعداد للمعركة، وإذا كان الفريق المنتمي إليه قد تحدث عن المواصفات وبرنامج الرئيس العتيد ردا على رسالة الموفد الرئاسي الفرنسي جان ايف لودريان بطريقة تلمّح إلى أنها تنطبق على الحليف الأول والأخير رئيس تيار المردة النائب السابق سليمان فرنجية، فإن الفريق الأخر أي المعارضة لن يرسل أي جواب مكتفياً ببيانه الأخير.
وفي المعلومات المتوافرة لـ«اللواء» فإن المعارضة اتخذت القرار بإنشاء جبهة أكبر من تلك القائمة حاليا، وهناك اتصالات تصب في هذا السياق، لكنها لا تزال في بداياتها على ما يبدو وهي ليست موجهة ضد حوار الحزب والتيار، إنما هدفها تجميع اكبر عدد من الأصوات عندما تعمد الى المطالبة بجلسات الإنتخاب المفتوحة.
وهنا تفيد مصادر سياسية مطلعة أن هناك جدية في اتصالات المعارضة التي تشمل نوابا من كتل يملكون التوجُّه عينه، لكن المسألة مرهونة بخواتيمها، ولعل الرسالة الابرز الكامنة وراء هذا التحرك هو ضمان الوقوف صفا واحدا لمواجهة فرض الرئيس من خلال اي إجراء فضلا عن أهمية العودة إلى كيفية الضغط في سياق الدعوة لجلسات الإنتخاب كخطوة مقبلة، مشيرة إلى أن قراءة المعارضة بالنسبة إلى الحوار بين الحزب والتيار هي قراءة يصلح فيها القول أن الفريقين يقاتلان لإحياء تفاهمهما السابق وفق معطى جديد، لكن ليس واضحا ما إذا كان على القطعة ام لا.
وتؤكد هذه المصادر أن ما من خطط مسبقة في هذه المرحلة، وبالنسبة إلى قوى الممانعة فلا تزال مبادرة لودريان قائمة الى حين حصول العكس، كما أن الممتنعين عن تقديم إجابات رفضوا الشق المتصل بالحوار، لكنهم لم يتحدثوا عن رفض أي طرح بديل في حال وجد، وهذه المسألة مناطة بلودريان وما قد تحمله زيارته المقبلة إلى بيروت الشهر المقبل. اما التكهنات بشأن تعليق الطرح الفرنسي فهي تكهنات فحسب، معلنة ان ما من مساعٍ جديدة قبل الإعلان النهائي عن نعي هذا الطرح من قبل المعني الأول به.
وتعتبر أن ما من تحرك لباقي النواب أو الذين ابتعدوا عن التصويت للمرشحين الحاليين أي الوزير السابق جهاد ازعور والنائب السابق فرنجية، وهم لم يقرروا بعد الدخول في عملية مراجعة لخياراتهم كما أنهم في حالة انتظار مع العلم أن أصواتهم من شأنها إحداث الفرق في عملية التصويت، مشيرة إلى أن الستاتيكو الرئاسي باقٍ على حاله في ظل الفشل في أي نقاط مشتركة في المواصفات الرئاسية وبرنامج عمل الرئيس التي تعد بالنسبة إلى البعض ملهاة للوقت، لأن التركيز يجب أن يكون على انتخاب الرئيس فقط، في حين أن البعض الآخر يشدد على هاتين النقطتين بالتحديد كونهما المفتاح في هذا المسار.
إذاً عودة المعارضة إلى تنسيق الموقف وتوحيد تحركها وفق الثوابت التي أعلنتها قد يقابلها تمسك فريق الممانعة بمبدأ الحوار، وهذا الإصرار من الفريقين يعني أن الانتخابات الرئاسية بعيدة كل البعد عن التحقيق، فهل من معجزة ما في القرب؟