صحة

للأهل طفل مفضل… من هو؟

21 شباط, 2025

أحبكم جميعاً بنفس القدر”… لطالما سمعنا هذه المقولة من الأهل لأولادهم ولكن هل تطيح دراسة جديدة بها وتثبت عدم صحتها؟ استعان باحثون بـ 30 مقالاً في المجلات والأطروحات إلى جانب 14 قاعدة بيانات من أجل تحليل الطرق التي يعامل بها الوالدان الأشقاء بشكل مختلف. يقول أليكس جنسن، أحد مؤلفي الدراسة، لموقع “هافينغتون بوست”، إنهم صنفوا تصرفات الوالدين إلى فئات: المودة التفاضلية، والصراع التفاضلي، والموارد التفاضلية، والاستقلالية التفاضلية أو الحرية.

درس الباحثون كيف اختلفت هذه المعاملة التفاضلية باختلاف ترتيب الأطفال وجنسهم، إضافة إلى مزاجهم وشخصيتهم. ووجدت الدراسة أن الأهالي يميلون إلى إظهار معاملة تفاضلية للبنات، ليس مستغرباً أن يفضل الأهل الأطفال ذوي الضمير الحي. كذلك، أظهرت الدراسة أن الأهالي يميلون إلى منح الأطفال المولودين أولاً المزيد من الحرية والاستقلالية، فهؤلاء في نهاية المطاف أكبر من أشقائهم.

ومحتملٌ أن تبدأ بعض الأنماط، مثل الاعتماد على كفاءة الابنة الكبرى، في مرحلة الطفولة وتستمر طوال مرحلة البلوغ. ويعتقد جنسن أن هذا يمكن أن يكون أحد التفسيرات لميل الأهل إلى تفضيل الفتيات، مشيراً إلى أن لديهن سمعة بأن التحكم بسلوكهن أسهل مقارنة بالفتيان. ويضيف جنسن: “إذا كانت الفتيات يعانين من مشاكل سلوكية أقل من الفتيان في المدرسة، فمنطقي أن يظهر نمط تصرف مماثل في المنزل”. ويبدو له هذا أكثر احتمالاً من تفسير نظري آخر يفيد بأن الأهل يعاملون البنات بشكل مختلف لأنهم يفترضون أنهن سيصبحن يوما ما مقدمات الرعاية لهم عندما يكبرون بالسن.

ما تأثير المحاباة؟
مثل العديد من ديناميكيات العلاقات الأخرى في مرحلة الطفولة، يمكن أن تلقي المحاباة في الأسرة بظلالها على المدى الطويل. فالأطفال الذين يحظون بالمحاباة يميلون إلى التمتع بصحة عقلية أفضل، ويحققون أداءً أفضل في المدرسة، ويتمتعون بعلاقات أسرية أفضل، وهم أقل عرضة للانخراط في تعاطي المخدرات من المراهقين الآخرين، ويواجهون مشاكل أقل في المدرسة والمنزل.

أما الأطفال غير المفضلين، فمرجح أن يواجهوا نتائج سلبية، بحسب الدراسة. ويشير جنسن إلى أنه عندما تصل المحاباة إلى أقصى الحدود، فمن المحتمل أن يعاني الطفل المفضل بسببها ولكن سيكون من الصعب تحديد متى يتم تجاوز هذا الحد في عائلة معينة.

ويقول الدكتور بليز أغيري، الطبيب النفسي والأستاذ في كلية الطب بجامعة “هارفارد”، لـ”هاف بوست” إن الأطفال الرضع مجبولون نوعاً ما على إرضاء والديهم بطريقة تحمي بقاءهم على قيد الحياة. لكن، مع نمو الأطفال، يمكن أن تؤدي بعض سلوكيات إرضاء الوالدين إلى مقارنات بين الأشقاء واتهامات بالمحاباة. ويتابع أغيري: “نميل إلى تذكر الرفض أكثر مما نتذكر المديح. إلا إذا كان المديح للأخ، فستتذكر المديح الإيجابي لأخيك أكثر مما تتذكر رفضهم لك”.

كيف يرد الوالدان على اتهامات المحاباة؟
قد تقع الأسرة في نمط تفضيل البنات أو الأشقاء الأكبر سناً أو الأطفال الأكثر وعياً، لكن قد تتباين الطريقة التي يشعر بها الأهل تجاه أطفالهم، وكذلك قد تختلف تربية الأهل بين الطفل الأول والأطفال اللاحقين.

بصفتك أحد الوالدين، لا يمكنك دائماً التحكم في كيفية تذكر طفلك للأشياء التي تقولها أو تفعلها. ومع ذلك، يمكنك الاستماع بذهن منفتح إلى أي مخاوف لدى طفلك، سواء كانت تتعلق بالمحاباة أو أي شيء آخر. إذا قال الطفل أنك تحابيه، يقترح أغيري أن يقول أحد الوالدين شيئا مثل: “هذه ليست تجربتي، ولكن من الواضح أنها تجربتك أنت. لذا، أخبرني، ما الذي تراه أنت؟”

ينصح أغيري الآباء والأمهات بالتحدث مع أطفالهم من دون تأخير عن أي مشاعر تطرأ عليهم: “غالباً ما يكون التصور في ذهن الطفل فقط. أعتقد أن أفضل شيء يمكن القيام به هو التعامل مع هذه المشاعر على الفور خشية أن تصبح متأصلة في الطفل الذي يرى نفسه أقل تفضيلاً أو معيبا بطريقة ما”. وقد يطلب أحد الوالدين من الطفل أن يفكر في وجهة نظر الآخر، أو أن يطمئن طفلهما بأنه يحبهما بفضل ما يميزهما.

يروي أغيري إحدى الطرق التي استبعدت بها والدته بذكاء فرصة أن يتهمها أي من أطفالها الثمانية بالمحاباة. “عندما كانت أمي تحتضر، طلبت أن تتحدث مع كل واحد منا على حدة. فذهبت إلى هناك، فقالت: “سأخبرك، أنت المفضل لدي”. في وقت لاحق، بعد أن تحدث جميع الأشقاء على انفراد، اكتشفوا أنها أخبرت كل واحد منهم نفس الشيء بالضبط”.

ومن يدري؟ قد نكون جميعاً مثل هذه الوالدة. نخبر جميع من حولنا وليس فقط الأطفال بما يريدون سماعه، ممكن؟

شارك الخبر: