سابقة علمية.. إنتاج مادة فائقة الصلابة من الضوء

حقق فريق من العلماء في المجلس الوطني للبحوث (CNR) في إيطاليا إنجازًا علميًا غير مسبوق، حيث تمكنوا لأول مرة من تحويل الضوء إلى مادة فائقة الصلابة، وهي حالة كمومية غريبة تجمع بين خصائص المواد الصلبة والسوائل. ويمثل هذا الاكتشاف تقدمًا مهمًا في مجال الفيزياء الكمومية، وقد يؤدي إلى تطوير تقنيات جديدة في الضوئيات.
ما هي المادة الفائقة الصلابة؟
طبقا لما نشره موقع sciencealert المادة الفائقة الصلابة حالة من حالات المادة تمتلك بنية بلورية مثل المواد الصلبة، لكنها في الوقت ذاته قادرة على التدفق بحرية كما لو كانت سائلًا. وتعد هذه الحالة واحدة من الحالات الغريبة للمادة، التي طالما نوقشت نظريًا ولم يتم تحقيقها إلا مؤخرًا.
يقول الفيزيائي إياكوبو كاروسوتو من جامعة ترينتو في إيطاليا: «يمكننا تخيل المادة الفائقة الصلابة كسائل مكون من قطرات كمومية مترابطة وموزعة بشكل دوري في الفضاء».
موضحًا أن هذه القطرات يمكنها التدفق عبر العوائق دون أن تتأثر، مع احتفاظها ببنيتها البلورية ومسافاتها المتبادلة.
كيف تم تحويل الضوء إلى مادة فائقة الصلابة؟
حتى الآن، لم يتم تصنيع المواد الفائقة الصلابة إلا باستخدام الذرات، لكن الفريق الإيطالي نجح في تحقيق ذلك باستخدام الفوتونات لأول مرة.
ويعتمد هذا الإنجاز على الجمع بين الضوء والمادة، لإنشاء شبه جسيمات تُعرف باسم «البولاريتونات».
يقول داريو جيراس، عالم الفيزياء في جامعة بافيا الإيطالية:تحقيق هذه الحالة الغريبة من المادة في سائل من الضوء داخل بنية نانوية شبه موصلة، سيمكننا من دراسة خصائصها الفيزيائية بطريقة جديدة، وربما استغلالها في تطبيقات مثل أجهزة الإضاءة المستقبلية.
لفهم هذه التجربة، من المهم معرفة أن العلماء لم يقوموا بجمع الفوتونات وتحويلها إلى مادة مباشرة، فالضوء في الأساس ليس مادة بل طاقة. ولتحقيق ذلك، استخدم الباحثون أشعة ليزر مسلطة على شبه موصل من زرنيخيد الغاليوم، ما أدى إلى تفاعل الفوتونات مع الإثارات داخل المادة وتكوين البولاريتونات.
الاختبارات والتأكيد العلمي
للتأكد من نجاح التجربة، قام الفريق بتحليل توزيع كثافة الفوتونات، حيث ظهرت قمتان مرتفعتان تفصل بينهما فجوة، مع نمط تموجي خاص يشير إلى كسر التناظر الانتقالي، وهو أحد الخصائص الأساسية للمواد الفائقة الصلابة. كما استخدم الباحثون تقنية التداخل البصري (الإنترفيرومتر) لقياس الحالة الكمومية للنظام، وأثبتت النتائج أن النظام حافظ على تماسكه على المستويين المحلي والعالمي، مما يؤكد تحقيق المادة الفائقة الصلابة.
آفاق المستقبل
يقول الفيزيائي دانييلي سانفيتو، من معهد تكنولوجيا النانو التابع لـ CNR: هذا البحث لا يُظهر فقط إمكانية تحقيق المادة الفائقة الصلابة في منصة ضوئية، بل يفتح أيضًا الطريق لاستكشاف أطوار المادة الكمومية في الأنظمة غير المتوازنة.
مضيفًا أن هذا الاكتشاف قد يكون وسيلة لردم الفجوة بين الأبحاث العلمية الأساسية والتطبيقات العملية.
تم نشر البحث في مجلة Nature، ويُتوقع أن يفتح هذا الإنجاز أبوابًا جديدة في مجالات الفيزياء الكمومية وتكنولوجيا الفوتونات.