القوى الأمنية أنقذت لبنان من الفوضى
جاء في “الأنباء” الكويتية:
تمكنت القوى الأمنية اللبنانية بمساندة الجيش من انتشال البلاد من حالة الفوضى العارمة، وأعادت بعض الاستقرار من خلال التدابير التي نفذتها في الأيام الماضية، والتي طالت توقيف مرتكبين ومخالفين من اللبنانيين والسوريين، وحجز السيارات والدراجات المخالفة. وسبق ذلك نجاح هذه القوى بكشف الجناة في أكثر من جريمة حصلت في بيروت والجنوب والشمال والبقاع والجبل، إضافة لتوقيف العصابة التي قتلت الضحية باسكال سليمان في جبيل الشهر الماضي، ولو كان الرأس المدبر للعملية ما زال فارا من وجه العدالة داخل الأراضي السورية.
لكن اختلالا كبيرا رافق تنفيذ التدابير، لأن دوائر الميكانيك كانت مقفلة، وهي لم تقم بواجباتها الوظيفية خلال الأشهر الماضية لأسباب غير مفهومة، وهو ما أربك المواطنين، وأوقع العديد من أصحاب النوايا الصادقة في مهبط المخالفة من دون قصد، كما استغل بعض المرتكبين او الذين تعودوا على تجاوز القانون هذه الوضعية لتحقيق مآرب جنائية، وتعميم الفوضى في الشارع عبر مخالفة قانون السير، وتنفيذ عمليات نشل وسرقة بدراجات نارية غير مسجلة، ولا تعرف القوى الأمنية هوية أصحابها.
تقول أوساط متابعة للملف: إنه كان على وزير الداخلية القاضي بسام المولوي الذي أعلن عن الخطة الأمنية الجديدة في 10 أيار الجاري، اتخاذ تدابير استثنائية في مصلحة تسجيل السيارات والآليات، بما في ذلك فتح المكاتب لدوامات اضافية، ليتمكن المعنيون من ذوي السيرة الحسنة من تسجيل سياراتهم ودراجاتهم ودفع ما عليهم من رسوم. لكن ذلك لم يحصل، وبالفعل فقد ارتبك مواطنون عديدون من حجز آلياتهم من قبل قوى الأمن الداخلي، وتوقفت أشغالهم من دون أن يكون لهم ذنب في ارتكاب المخالفات.
لكن كل ذلك لا يعط أي تبرير للحملة الشعواء التي استهدفت قوى الأمن الداخلي والأمن العام، من بعض المخالفين وشارك فيها نواب أحدهم كان مسؤولا أمنيا، وتجربته كانت غير سوية، وربما يكون كل هؤلاء مستفيدين من حالة الفوضى لتغطية مقربين منهم او محسوبين سياسيا عليهم، والحجة دائما أن المجموعات الأمنية التي نفذت التدابير لم تلتزم بالأصول المرعية، كأنهم بذلك يعتبرون المخالفين الذين يسرحون ويمرحون في البلاد من دون أية ضوابط يتقيدون بالأصول! ومن بين الذين تم توقيفهم مرتكبون لعمليات نشل وسرقة ومحاولة قتل وتجار مخدرات ومنفذي اعتداءات على مارة من النساء والأطفال.
لا يمكن مطالبة الدولة بفرض هيبتها الأمنية وضبط التجاوزات، وإطلاق مواقف شعبوية في آن واحد. فالجيش وقوى الأمن الداخلي والأمن العام وأمن الدولة يحتاجون لتغطية سياسية وإعلامية مؤيدة لنشاطهم، كما لتوفير إمكانيات لوجستية لازمة لهم، ومن حقهم الحصول على رواتب وتعويضات تكفيهم للقيام بالواجب وتأمين معيشة لائقة لعائلاتهم، ومن دونهم لا يمكن للدولة أن تقوم بالدور المناط بها في هذه الظروف الصعبة وغير الطبيعية، حيث لا يوجد رئيس للجمهورية، والحكومة مستقيلة، ومؤسسات الدولة الأخرى تعاني من الترهل والشغور.
ان الحوادث الأليمة التي حصلت في الفترة الأخيرة كفيلة بتفجير اقتتال داخلي لو لم تحزم القوى الأمنية الأمر بقوة، وتلقي القبض على المرتكبين وتضبط المخالفين. وأمر طبيعي أن تحصل أخطاء بمناسبة تنفيذ مثل هذه المهمة الشاقة، خصوصا بعد أن بدأت تظهر حالات من الأمن الذاتي في مناطق عدة، وذهب عدد من البلديات بعيدا في تنفيذ إجراءات ليست من صلاحياتها، وكاد الأمر أن يتطور إلى تحديات لا تحمد عقباها، خصوصا لأن ترحيل النازحين السوريين بالطريقة التي أعلن عنها البعض مستحيلة، والجهات المختصة الداخلية والخارجية ووكالة شؤون اللاجئين الدولية، لم يفصلوا بعد بين من هو نازح لكونه مهددا في سورية، وبين من لا ينطبق عليهم هذا الواقع. والهيئات المانحة التي تحتج «بقانون قيصر» الذي يفرض عقوبات على سورية، ويمنعهم من تحويل الأموال لمساعدة هؤلاء النازحين في بلادهم، مطالبة بإيجاد حل لهذه المعضلة، وعدم تحميل لبنان فاتورة هذا القانون.