مزارعو التبغ في الجنوب يطالبون الدولة بتعويضات
كتبت باسمة عطوي في “نداء الوطن”:
«شتلة الصمود» أي التبغ ستغيب هذا العام عن معظم القرى في الشريط الحدودي التي اشتهرت على مدى عقود بانتاجها، أي رميش وعيترون وحولا وميس الجبل والقنطرة وتولين بسبب القصف الاسرائيلي المستمر على هذه القرى، والذي منع عشرات المزارعين من زراعة «مساكب الشتول» وفلاحة أرضهم تمهيداً لزراعتها في شهر آذار الحالي، ما يعني أن هذه العائلات ستخسر مدخولاً أساسياً كانت تتكل عليه في معيشتها.
تبدي الحاجة وهيبة (من بلدة القنطرة) حسرتها على عدم تمكّنها من زراعة أرضها هذا العام، رغم أنها قامت بزرع المساكب وتحضير الارض، الا أن القصف الاسرائيلي الدوري على بلدتها منذ شباط الماضي دفعها للمغادرة، حيث منعها أبناؤها من الاقامة فيها خوفاً على سلامتها. تقول لـ»نداء الوطن»: «أزرع التبغ منذ عقود، ولم أتوقف حتى في أيام الاحتلال الاسرائيلي لذلك أشعر وكأني ضائعة، خصوصاً أني لست معتادة على العيش بين أربع جدران في بيروت».
في حولا هناك مزارعون «كانوا أشبه بفدائيين»، أصروا على البقاء وزراعة أرضهم رغم القصف، كما يخبر رئيس تجمع مزارعي التبغ في الجنوب حسن فقيه «نداء الوطن»، «أما باقي القرى خصوصاً رميش وعيترون اللتان تعتبران مركز انتاج التبغ الفاخر في الجنوب، فلم يتمكن المزارعون من تهيئة الارض وتسميدها وتحضيرها للموسم خلال الاشهر الماضية. اما في بلدة تولين حيث لا قصف مباشراً على البلدة الى الآن فالمزارعون يتهيئون للزراعة، علماً أن الريجي أمّنت للمزارعين الشتول اللازمة بعد زراعتها في أماكن آمنة، لكن القصف الاسرائيلي المستمر يمنع المزارعين من الذهاب الى حقولهم».
يضيف: «بدأنا بإثارة موضوع التعويض على المزارع بشكل متصاعد، لأننا تنبأنا بالمصيبة التي ستقع على رؤوس مزارعي التبغ في الشريط الحدودي هذا العام بسبب العدوان الاسرائيلي. حتى لو توقفت الحرب فالمزارع سيواجه صعوبات لكي «يلحق الموسم» لأن عليه قبل زراعة الشتول تهيئة الارض ووضع الاسمدة، والجميع لا يستطيع التنبؤ بالعودة الى قرى الجنوب»، لافتاً الى أنه «حالياً نبحث مع الريجي من أجل التعويض على المزارع الذي لم يستطع زراعة موسمه في القرى الحدودية ولا سيما قرى رميش وعيترون وحولا وميس الجبل. الهدف هو تثبيت المزارع في أرضه والعمل على عدم اندثار هذه الزراعة في الجنوب التي لها رمزيتها. ولذلك سيكون لنا جولة مع القيادات السياسية المعنية لعرض تصورنا عليهم، من اجل ضمان التعويضات للمزارعين الذين زرعوا مواسمهم العام الماضي (وفقاً لايصال من الريجي) والا لن يتمكن المزارعون من الاستمرار».
يشدد فقيه على أن «زراعة التبغ تراجعت منذ بداية الازمة في قرى الجنوب، بسبب ضآلة الاسعار التي كانت تشتري بها الريجي المنتوج من المزارع مقارنة مع الكلفة. لكن الأسعار تحسنت شيئاً فشيئاً العام الماضي ووصل السعر الى 6.5 دولارات للكيلو وكنا على أمل أن يعود هذا العام الى سعره الذي كان عليه قبل الازمة (8 دولارات) الا ان الاوضاع الامنية أطاحت بكل جهودنا».
من جهته يؤكد رئيس تجمع مزارعي الجنوب محمد الحسيني لـ»نداء الوطن» أن «التجمع يسعى مع المعنيين لأن ينال مزارعو التبغ التعويض عن الموسم الذي خسروه، علماً أن ادارة الريجي قامت بواجبها تجاه المزارعين لجهة تأمين الشتل المطلوب، من خلال تأسيس مشاتل في مناطق آمنة تمهيداً لتوزيعها على المزارعين، لكن المشكلة ان القصف الاسرائيلي المستمر على القرى الجنوبية سيمنع المزارعين من زراعة أرضهم».
ويختم: «لذلك سيكون على الريجي مهمة التحقق من مداومة المزارعين على زراعة اراضيهم خلال السنوات الماضية للبحث في امكانية التعويض عليهم بالتعاون مع وزارة المالية».
في الاطار نفسه إعتبر وزير الزراعة في حكومة تصريف الأعمال عباس الحاج حسن في تصريح له أن الضربات الإسرائيلية على جنوب لبنان، «منعت المزارعين في القرى الجنوبية المتاخمة للأراضي الفلسطينية المحتلة من الوصول إلى أراضيهم لجني الثمار أو زراعة المحاصيل ومواصلة النشاط الزراعي، وهو ما أثر على ما يصل إلى 30 في المئة من الإنتاج الزراعي اللبناني»، مشيراً الى أن «التأثير الواقع علينا ينقسم إلى شقين؛ مباشر وغير مباشر، واليوم نلحظ تراجعاً في الكميات الإنتاجية للقطاع الزراعي، خصوصاً أن الجنوب كان يمثل ما لا يقل عن 25 إلى 30 بالمئة من الناتج المحلي، فضلاً عن إسهامه في عمليات التصدير. وهو ما انعكس على ارتفاع أسعار الخضروات والفاكهة في لبنان بالتزامن مع شهر رمضان المبارك».
وتحدث عن خسائر قطاع الزراعة منذ بدء العدوان، قائلاً: «لا يمكن لنا حتى الآن، حصر النتائج السلبية والخسائر، لأن الحرب ما زالت قائمة، ولكن الخسائر تتخطى مليارات الدولارات. فنحن نتحدث اليوم عن مواسم زراعية، ومزروعات لم نستطع جنيها، وكثير من المزارعين لا يستطيعون الوصول إلى أراضيهم منذ بدء العدوان على قطاع غزة، فضلاً عن كثير من الأراضي الزراعية التي جرى تبويرها نظراً لصعوبة النشاط الزراعي في الجنوب، خصوصاً المناطق المتاخمة للأراضي الفلسطينية المحتلة، مثل قرى «الخيام» و«مرجعيون» وباقي المناطق وصولاً إلى البحر الأبيض المتوسط عند الناقورة».