استيرادها زاد 60 ضعفاً: قنابل موقوتة في بيوتنا؟
كتب فؤاد بزي في “الأخبار”:
مع فورة تركيب أنظمة الطاقة الشمسية، بين عامَي 2020 و2023، اجتاحت بطاريات الليثيوم السوق اللبناني جنباً إلى جنب ألواح الطاقة وبطاريات الأسيد التقليدية. العام الماضي (حتى شهر آب)، استورد لبنان، بحسب أرقام الجمارك، 2032 طناً من بطاريات الليثيوم، و3071 طناً في عام 2022. وبلغت القيمة الإجمالية لما تمّ استيراده هذين العامين نحو 66 مليون دولار، بزيادة 60 ضعفاً عن عام 2021 (878 ألف دولار).
مع غزو الليثيوم دخلت صناعة تحويلية جديدة إلى السوق اللبناني. وفتح تقنيون ومهندسون ورشاً لـ«تجميع بطاريات الليثيوم». ووفقاً لأحد المهندسين، «البطارية اللبنانية تقوم على 3 أعمدة كلّها مستوردة: خلايا الليثيوم، لوحة التحكّم الإلكترونية، والصندوق الحديدي». وما تفعله الورش هو «تجميع هذه العناصر الثلاثة، وتوصيلها بالطريقة المناسبة، للوصول إلى بطارية قادرة على الصمود خلال ساعات الليل أو عند انقطاع الكهرباء بشكل أفضل من بطاريات الأسيد».
تقنية تخزين الطاقة باستخدام معدن الليثيوم تعود إلى 60 عاماً، واستُخدمت للمرة الأولى في الصناعات الفضائية. إلا أنها ازدهرت في العقد الثاني من الألفية الجديدة بعد الاكتشافات العلمية التي حسّنت من قدرتها وخفّفت من تكاليفها. وساهم التوسع الكبير في التنقيب عن معدن الليثيوم في أميركا الجنوبية، واعتماد عمالقة السيارات الكهربائية عليه، في إتاحة الليثيوم أكثر للعامة.
بطارية الليثيوم أخفّ وزناً بثلاث مرات من مثيلاتها القائمة على الرصاص والأسيد. فلا يزيد وزن البطارية بقوة 48 فولتاً عن 100 كيلوغرام، فيما يصل وزن 4 بطاريات أسيد إلى 280 كيلوغراماً للوصول إلى القوة نفسها، وبطاقة أقل. كما أنّ العمر الافتراضي لبطارية الليثيوم يتجاوز سبع سنوات نظرياً، في حين لا يتخطى عمر البطاريات التقليدية سنتين على أبعد تقدير.
لكنّ أحد مستوردي البطاريات يلفت إلى أن 97% من البضائع التي تدخل في تركيب البطاريات تأتي «من 12 مصنعاً في الصين، وتتفاوت أسعارها وفقاً لجودتها، الباب الأول إلى العاشر. ولأن الزبون لا يمكنه تمييز جودة المنتج، يقع ضحية الغش». ويوضح أن سعر الخلية الواحدة يصل إلى 40 دولاراً، ويراوح عددها في كلّ بطارية بين 8 و16، بحسب قوة البطارية وحجمها. غير أن بعض التجار يستوردون خلايا مستعملة، ويبيعونها على أنّها جديدة. وفي الآونة الأخيرة، «تم استيراد بطاريات مستهلكة مما يستخدم في القطارات، وبيعت بأسعار عالية، رغم أنّها استنفدت عمرها الافتراضي».
وتدخل إلى السوق أيضاً بطاريات ليثيوم جاهزة للاستخدام من دون حاجة إلى تجميع، وسعرها لا يزيد على 1900 دولار، في حين يصل سعر البطارية اللبنانية إلى 2400 دولار. غير أنّها لم تشكل منافساً لورش تجميع البطاريات، لأن «الزبون يفضل شراء البطارية المحلية رغم أنّها أغلى بسبب إمكانية عودة الزبون دائماً إلى نقطة البيع للمراجعة والصيانة ومتابعة المنتج. فالصيانة تتم خلال ساعات على أبعد تقدير، وتغيير أي خلية تالفة في البطارية سهل ويسير»، بحسب مهندس الكهرباء أحمد داود. فيما «تأتي البطاريات المستوردة على شكل علب مقفلة تحتوي في بعض الأحيان على خلايا غير متجانسة وقابلة للعطب سريعاً».
خطر الليثيوم
الليثيوم من المعادن الشديدة الخطورة، والقادر على الاشتعال عند التقائه بالأوكسيجين الموجود في الهواء تلقائياً، من دون شرارة أو مصدر حراري. وأدّت حوادث احتراق بطاريات الليثيوم في المنازل خلال السنتين الماضيتين إلى تساؤلات عن مدى أمان هذه البطاريات. غير أن مهندسين مختصّين يؤكدون «أنّ البطاريات لا تنفجر من تلقاء نفسها، والأعطال، أو الأحمال الكهربائية، لا تسبب احتراقها، بل تلف لوحة التحكّم الإلكترونية على أبعد تقدير، كما أنّ تركيبة الليثيوم الموجودة في هذه البطاريات أكثر أماناً من بطاريات الهواتف المحمولة». ورغم ذلك يحذّرون من «مغبة فتح البطارية، ومحاولة كسر الخلايا المقفلة الموجودة داخلها»، إذ «إنّ هذه المحاولات تنتهي حكماً بانتفاخ الخلية، ويؤدي تفاعل الليثيوم مع الهواء لتوليد غاز الهيدروجين القابل للاشتعال»، وأكّدوا «ضرورةَ التعامل مع بطارية الليثيوم بانتباه بسبب ما تحتويه من طاقة عالية وخطر كيميائي». وهو ما يحيل إلى السؤال عن مصير الخلايا عند تلف البطارية، إذ يؤكد داود أنها «تتجمّع في الورش من دون أن تكون هناك طريقة لتصريفها». كما أن من الخطر بيعها لورش الخردة لعدم معرفة عمال الورش بطريقة التعامل معها.