كابوسٌ لـ”إسرائيل”… تقاصيل عن حي “الشجاعية”
تصدّرت، اليوم الأربعاء، العملية البطولية التي قامت بها المقاومة الفلسطينية، في حي الشجاعية الغزاوي، وأوقعت خلالها عدداً من ضباط لواء “غولاني” الإسرائيلي بين قتيل وجريح، الصحف العربية والإسرائيلية.
ووصفت صحيفة “معاريف” الإسرائيلية ما جرى بأنه “كارثة الشجاعية”، كما قال المذيع في “القناة 12” الإسرائيلية “إنّ هذا الصباح هو الأصعب منذ بدء الحرب، والحادث كان صعباً جداً”.
وفي تفاصيله، فإنّ “أفراد غولاني التي كانت موجودة هناك خلال العملية تعرّضت لإطلاق نار دقيق. وأثناء عملية الإنقاذ، تعرّضت القوة التي وصلت لإطلاق نار أيضاً. ونتيجة لذلك، دخلت القوة إلى المبنى الذي كان مفخّخاً، وانهار جزء منه على القوات الإسرائيلية داخله”.
يقع حي الشجاعية في النصف الشمالي من مدينة غزة، ويعدّ أكبر أحياء القطاع ويشكّل خاصرته الشرقية.
ويضمّ الحي العديد من المساجد والمقابر والهياكل القديمة، وينقسم إلى قسم جنوبي يُعرف بمنطقة “التركمان”، وآخر شمالي يُعرف بمنطقة “اجديدة”. ويتمتع حي الشجاعية بتلةٍ مرتفعة تميّزه عن باقي أحياء القطاع هي “تلة المنطار”، ويقع فيه أكبر سوق في غزة هو “سوق الجمعة”.
وتعود جذور هذا الحي إلى العصور القديمة في ظل المعركة التي دارت بين الأيوبيين والصليبيين عام 1239، بحسب المركز الفلسطيني للإعلام، إذ انتصر فيها المسلمون.
ويُنسب الحي في تسميته إلى شجاع الدين عثمان الكردي، الذي يُعدّ أحد أبطال تلك المعركة التي قاتل وقُتل فيها.
وأكثر ما يميّز حي الشجاعية احتضانه للفصائل الفلسطينية كافة، وكونه معقلاً لانطلاقتها، إذ شهد البدايات الأولى لمنظمة التحرير الفلسطينية، ومعظم الحركات. وينتمي أبرز قادة الفصائل الفلسطينية الحالية إليه.
كان لحي الشجاعية دور كبير أثناء معارك عام 1967، وشهد انطلاق شرارة الانتفاضة الفلسطينية الأولى عام 1987.
وفي تشرين الأول 1987، تحوّل الحي إلى ساحة مواجهات مسلحة بين المقاومة الفلسطينية وقوات الجيش الإسرائيلي، وأسفرت الاشتباكات آنذاك عن مقتل ضابط إسرائيلي واستشهاد 4 من أعضاء المقاومة.
وكان حي الشجاعية عرضة لسلسلة مجازر ارتكبها الجيش الإسرائيلي، وهدفاً ثابتاً للاجتياحات الإسرائيلية البرية على القطاع، حيث ارتكب الجيش الاسرائيلي مجزرة ضد الحي في الأول من أيار 2003، في إثر تسلل قوات إسرائيلية للحي بآليات مصفّحة، وبغطاء من الطائرات الحربية.
وتصدّى المقاومون لهذا التوغّل وأوقعوا طليعة القوة المتسللة بين قتلى وجرحى، وتواصلت المعركة أكثر من 16 ساعة وسط مساندة من كتائب القسام من عدة محاور.
ونفّذت “إسرائيل” مجزرة أخرى في الحي فجر الـ 11 من شباط 2004، خلّفت عشرات الشهداء والجرحى.
وكان الحي هدفاً للغارات الجوية المتكررة ومنطقة اشتباكات مكثفة بين المقاومة وقوات الاحتلال خلال التوغل البري، في عدوان “إسرائيل” على القطاع خلال 2008 و2009، وأيضاً أثناء العدوان على القطاع عام 2014.
كما كان مسرحاً لمجزرة أخرى راح ضحيتها أكثر من 75 شهيداً، ومئات المصابين معظمهم من النساء والأطفال، إضافة إلى إبادة عائلات بأكملها، وتكرّرت هجمات مماثلة في عدوان 2021.
وتجدّدت الغارات العنيفة على الحي في عدوان 2023 التي تعدّ -بالنسبة لما سبقها من حروب- الأعنف على القطاع، كما وصفت بأنها “حرب إبادة جماعية”، إذ ارتكبت قوات الجيش الإسرائيلي العديد من المجازر المروّعة.
يشكّل حي الشجاعية كابوساً بالنسبة لقوات الجيش الإسرائيلي، لا يتوانى المحللون العسكريون عبر الشاشات الإسرائيلية عن وصفه بأوصاف تدل على أنه مصدر رعب لهم، فتارةً يصفونه بـ”اللعنة” وتارة بـ”الكابوس”.
ويعود ذلك إلى شراسة المقاومة وتصدّيها لتوغلات الجيش في الحي، وإيقاع القتلى والجرحى في صفوف الجيش الاسرائيلي مع كل محاولة جديدة بالتوغل، إلى أنّ أصبح اليوم كابوساً للواء “غولاني” الإسرائيلي، بعد مقتل عدد من ضباطه في كمين محكم داخل الحي.
ووفق موقع “والاه” الإسرائيلي، فإنه “على مرّ الحروب الماضية التي قامت بها إسرائيل في قطاع غزة، سقط فيه (أي الشجاعية) عدد كبير من الجنود، وفي الحرب الحالية فتح التاريخ الدامي للحي فصلاً جديداً”، في إشارة إلى مقتل ضباط “غولاني”.
واعتبر المراسل العسكري في صحيفة “معاريف”، طال ليف رام، أن الحساب المفتوح لدى لواء غولاني مع حي الشجاعية “طويل ودامٍ”، وأن اللواء يتذكّر استهداف ناقلة الجنود المدرعة عام 2014 “حيث تلقّت الكتيبة 13 ضربة قوية بمقتل 7 جنود واختطاف جثة أورون شاؤول”.
وصف المراسل العسكري لموقع “والاه” الإسرائيلي أمير بوخبوط، حي الشجاعية بأنه “أحد أخطر الأحياء في الشرق الأوسط”، بعد أن رأى ما واجهه الجيش الإسرائيلي في الحي من صواريخ وآبار وأنفاق وألغام نصبتها المقاومة لوقف توغّل الاحتلال براً في قطاع غزة.