صحة

دراسة: عقار “ميرك” المضاد لكوفيد يُساهم في ظهور طفرات فيروسية

26 أيلول, 2023

أفادت مجموعة من الباحثين بأنّ العلاج المضاد ل#كوفيد-19 الذي ابتكرته شركة “ميرك”، يساهم في ظهور طفرات من ال#فيروس، مع احتمال ظهور متحوّرات خطرة علماً أنّ هذه الفرضية لا تزال نظرية.

فقد خلصت دراسة نشرت نتائجها مجلة “نيتشر” إلى أنّ “العلاج باستخدام المولنوبيرافير ترك أثراً واضحاً في قواعد بيانات التسلسل العالمية” لمجين الفيروس.

وعقار الـ”مولنوبيرافير” (Molnupiravir) علاج طورته شركة الأدوية الأميركية العملاقة “ميرك” (المعروفة عالمياً باسم “أم أس دي”).

وقد طُرح في السوق في عام 2021، وكان أول قرص مضاد لكوفيد-19، في تقدم ملحوظ على صعيد العلاجات الصيدلانية التي كانت حتى ذلك الحين تتكوّن فقط من لقاحات وعلاجات أخرى تتطلب إدارة معقدة عن طريق الوريد.

لكنّ عقار “مولنوبيرافير”، الذي يُباع تحت اسم “لاجيفريو”، سرعان ما أصبح موضع انتقادات طاولت ما وُصفت بأنها فعاليته المحدودة، لا سيما بالمقارنة مع منافسه الرئيسي، “باكسلوفيد” من شركة “فايزر” والذي انضم إليه بسرعة في السوق.

وقد أثار خصوصاً أسلوب عمل عقار “مولنوبيرافير” الكثير من التردُّد. فعلى عكس الأدوية المضادة للفيروسات الأخرى، مثل باكسلوفيد، يعمل “لاجيفريو” من خلال الاندماج مباشرة في مجين الفيروس.

ويكمن الهدف في إثارة سلسلة طفرات بشكل غير منظّم تؤدي في النهاية إلى استئصال الفيروس من الجسم. لكنّ باحثين حذّروا منذ إطلاق هذه الآلية من أنها قد تعزز ظهور فيروسات متحورة يمكن أن تنتقل من فرد إلى آخر.

“توقيع” محدّد

وقد ساهم هذا الخطر في بعض التردُّد من جانب السلطات الصحية، مثل إدارة الغذاء والدواء الأميركية (أف دي إيه) التي وافقت على عقار “مولنوبيرافير” بأغلبية صغيرة فقط، أو الهيئة العليا للصحة الفرنسية التي رفضته تماماً.

وفي هذا السياق، تندرج الدراسة، في حين تلاشى وَهج عقار “ميرك” هذا نظراً لفعاليته المنخفضة، لكنه لا يزال يُوصف على نطاق واسع في بعض البلدان، لا سيما النامية منها.

ودرس الباحثون قاعدة بيانات واسعة، تُسمّى “جيسايد” Gisaid، تجمع مجينات الفيروسات التي جُمعت من مرضى كثيرين حول العالم.

وبنظر الباحثين، الاستنتاج واضح: استخدام مولنوبيرافير يرتبط بظهور طفرات محدّدة.

فقد لاحظ هؤلاء ظهور “توقيع” محدّد عندما بدأ وصف هذه العقاقير في بعض البلدان. في المقابل، يكاد يكون هذا “التوقيع” غائباً عن الأماكن التي لم تتم الموافقة على العلاج فيها.

وأوضح عالم الوراثة ثيو ساندرسون، أحد الباحثين المشاركين في الدراسة، أنّ هذا العلاج “يمكن أن يؤدي إلى ظهور فيروسات تحورت بشكل كبير وتبقى قابلة للحياة، أو حتى قابلة للانتقال في بعض الحالات”.

ورفضت شركة “ميرك” هذه النتائج. فبحسب هذه المختبرات الأميركية، تسلط الدراسة الضوء فقط على وجود ارتباط بين علاجها والطفرات المذكورة، من دون التمكن من تأكيد علاقة سببية بين الأمرين.

وقالت المجموعة لوكالة “فرانس برس” إنّ معدّي الدراسة يعتمدون على “ارتباطات ظرفية”.

لا خطر فورياً

غير أنّ النتائج أقنعت باحثين كثيرين لم يشاركوا فيها، مثل عالم الفيروسات ستيفن غريفين، الذي أشاد في تصريحات أوردها مركز الإعلام العلمي البريطاني (أس أم سي) بما قال إنّه عمل بحثي “تم تنفيذه بشكل جيد وله أهمية استثنائية”.

ومثل معدي الدراسة، يشدد غريفين على نقطة واحدة: الطفرات التي تم تحديدها لا تبدو، في حد ذاتها، خطيرة أو معدية بشكل خاص.
ويُحذّر غريفين من أنّ “هذه النتائج لها آثار مهمة على مسار الجائحة المستقبلي”.

والواقع أنّ أي ظاهرة تسرّع ظهور طفرات فيروسية من شأنها التسبّب في نهاية المطاف بنشوء متغيرات أكثر خطورة، أو أكثر قابلية للانتقال بشكل ملحوظ من سابقاتها كما حصل مع المتحورة أوميكرون عند ظهورها للمرة الأولى.

وفي هذا السياق، هل يجب التوقف عن وصف عقار “مولنوبيرافير”؟ حرص القائمون على الدراسة على عدم الحسم في هذه المسألة، حاصرين نطاق عملهم بعلم الوراثة وداعين السلطات الصحية إلى تحمل مسؤولياتها في هذا المجال.

وبالنسبة لبعض الباحثين، إذا كانت هذه النتائج تذكّر بضرورة عدم وصف دواء “مولنوبيرافير” طوال الوقت، فلا ينبغي في المقابل التخلي عنه تماماً.

ويقول أخصائي الأمراض المعدية كريس بتلر، في تصريحات أوردها مركز “أس أم سي”: “بالطبع، لا ينبغي تناول عقار مولنوبيرافير بشكل منهجي عند الإصابة” بفيروس كورونا، “لكن في بعض الحالات الصعبة، فهو دواء يمكن أن يكون مفيدا للغاية”.

شارك الخبر: