جعجع: القوات هي نهج بشير الجميل
أكّد رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع أن “النضال العسكري إبان الحرب كان أسهل من النضال السياسي، رغم صعوبتها وسوئها ومآسيها ولو أنني ضد المرحلة العسكرية إلا إذا اقتضت الضرورة”.
كلامه جاء خلال الأسئلة التي وجهها إليه المشاركون في المؤتمر الصحافي الذي نظمته الجامعة الشعبية ومنطقة المتن الشمالي، برعايته، في منطقة الربوة، في حضور النائب غياث يزبك ومعاونة الرئيس بشير الجميل آنذاك السيدة ايزيس ضاهر، ومشاركة ممثل رئيس “حزب القوات اللبنانية” النائب ملحم رياشي، النائبين رازي الحاج وجهاد بقردوني، الوزيرة السابقة مي شدياق، عضو المجلس المركزي أسعد سعيد، الأمين العام للقوات أميل مكرزل، الأمين المساعد لشؤون الإدارة وليد هيدموس، الأمين المساعد لشؤون المناطق جورج عيد، رئيس جهاز التنشئة السياسية شربل عيد، منسق منطقة المتن الشمالي بيار رزوق، رئيس الجامعة الشعبية طوني نون، وعدد من منسقي المناطق وأعضاء المجلس المركزي وفاعليات.
وقال جعجع: “في النضال العسكري تكون الأمور جلية، كذلك موقع العدو يبدو واضحا ومشروعه ونواياه معلنة، والعكس صحيح بالنسبة لنا، وتحدث الحرب على هذا الأساس، أما في ما خص النضال السياسي فالمشكلة تكمن في الكذب والرياء والغش وهم أسياد الموقف، أي خصمك أو صديقك أو من يقف بالوسط يعلن شيئا ويفعل شيئا آخر، وبالتالي النضال السياسي اصعب بكثير من النضال العسكري ولكن سنة الحياة تكون بالنضال السياسي لا العسكري”.
وعن تاريخ المقاومة اللبنانية وعلاقته بالرئيس الشهيد بشير الجميل، شرح مفهوم “المقاومة اللبنانية” التي “ليست مؤامرة أو تخطيطا مسبقا كما يعتقد البعض، بل جل ما كان في الأمر أن مناطق لبنانية وجدت نفسها تحت النار مباشرة، فهب كل أولادها للدفاع عنها، وحقيقة هكذا كانت بداية القوات اللبنانية. عندما “هبينا” للدفاع عن ضيعنا ومناطقنا وجدنا أن هذه المقاومة في كل المناطق اللبنانية لديها قائد اسمه بشير الجميل، ولنفترض أنها لم تكن بقيادته فلم تكن بمقاومة، لان هذه الأخيرة تحتاج إلى قائد، وبدونه تفقد مقومات الاستمرار وتحقيق الأهداف المنشودة، وبشير الجميل يعني لي شخصيا كونه قائد هذه المقاومة العامة التي حافظت على لبنان، ولولا بشير الجميل وهذه المقاومة، لكنا في كوكب آخر أو ربما في وطن بديل أو لبنان آخر عن اليوم”.
وعن إمكانية إكمال نهج الجميل عبر إطار سياسي آخر خارج القوات، جزم جعجع ان “القوات هي نهج بشير الجميل”.
وتابع: “في قداس شهداء المقاومة اللبنانية ظهرت الصورة العامة أن القوات اللبنانية عام 2023 تمثل مصغرا ومجسما للقوات سابقا، لأننا لم نعد بنضال عسكري بل سياسي، فإنها القوات بالشكل والجوهر نفسه، والمشروع السياسي نفسه، وطريقة التعاطي السياسية نفسها، إضافة الى الصلابة والوضوح والاستقامة والتنظيم، والقوة الشعبية نفسها، والقوات اليوم هي نتيجة عمل بشير”.
وعن سبب “تمايز الجميل تاريخيا”، قال: “بكل بساطة، تعرفت على سياسيين آخرين، وربما البعض منهم كان يؤمن بسياسة بشير ولكن القصة ليست حصرا هنا، فبشير الجميل كان رجل قرار ومقدام مهما كان الثمن، بينما السياسيون الآخرون الذين يشبهونه بالنهج تقف القصة عندهم بالثمن، فلا يدفعون ثمن خطة سياسية، لا بل لا يقدمون عليها أساسا. لم يتمتع أحد آنذاك بالشجاعة والإقدام واتخاذ القرارات، فيما بشير اتخذ قرارات كثيرة وصعبة حددت مصير ونجاحات المقاومة اللبنانية. تذكرت بشير الجميل كثيرا في بداية أحداث الثورة السورية، فالكل شهد الزخم الهائل التي بدأت به تلك الثورة التي تشرذمت مع الوقت، حتى انتهينا من دون ثورة سورية واستطاع بشار الأسد الاستمرارية، ليس فقط بمساندة إيران وروسيا إنما بتشرذم المقاومة السورية وتحولها من انتفاضة بوجه الأسد الى أهداف أخرى مختلفة”.
واستطرد: “لو كان في الثورة السورية شخصية قيادية كبشير الجميل لما حصل ما حصل في سوريا، ولو ترك بشير الشرذمة والسعدنات في الداخل اللبناني لكانت انتهت المقاومة اللبنانية كما انتهت المقاومة السورية بين الـ2011 والـ2015 رغم زخمها في البداية”.
وعزا رئيس القوات “قوة بشير” إلى “انه رجل قرار وصلب وشجاع ويقدم على خطوات مهما كانت خطورتها على شخصه”.
وعن أبرز لقاء جمعه ببشير الجميل، أجاب: “لا أريد العودة الى أيام الحرب والمعارك العسكرية، لكن ما يلفتني بلقائنا مع الشيخ بشير انه كان يحدد سريعا المواعيد في اليوم ذاته، حتى ولو طلبت الموعد في وقت متأخر كان يعطي موعدا في المساء المتأخر ولا يرجئه الى صباح اليوم التالي، وكانت اللقاءات معه في المجلس الحربي واضحة وقصيرة وعملية وتخرج بنتيجة عملية”.
أضاف: “الأمر الأساسي الذي استطاع بشير بلورته هي طريقة تصرف معينة بالحكم، انعكست إيجابيا بشكل كبير عندما فاز في الانتخابات الرئاسية، فبالتوازي بدأ الانتظام المؤسساتي في عمل الدولة، وهنا كانت قوة بشير بالترجمة على الأرض، وهذا ما ينقص لبنان اليوم”.
وسئل عن “حوار دار بين الجميل وكريم بقرادوني جزم فيه بشير أن سمير جعجع هو الوحيد الذي بإمكانه متابعة مسيرته”، أكد جعجع أن “هذا الكلام يحملني الكثير من المسؤولية في الوقت الحاضر وبفترة من الفترات، لكن لم أتوقف عنده لأنني لم أكن من الحلقة اللصيقة للشيخ بشير، فأنا كنت جنرالا رئيسيا معه بحكم رتبتي كقائد جبهة الشمال ولكن من بعيد، فحينها كنت أعتبر أنه في حال عاد القرار له سيختار اسما أقرب له من المجلس الحربي، وفي كل الأحوال نجحت توقعاته ولو بحكم تسلسل الأمور والأحداث وليس بتعيين مباشر من قبله”.
وختم جعجع بتوجيه رسالة “الى الشهيد بشير”: “أتصور انك فخور بنا، مثلما كانت القوات اللبنانية رأس حربة بين سنوات الـ75 والـ82 بوجه كل ما حدث، اجتهدنا وتعبنا واستشهدنا، سجنا اضطهدنا واستمررنا وها نحن اليوم الحزب الأكبر في لبنان، ولك الفخر لأنه حزبك، وبتنا رأس حربة فعلية في وجه المخاطر التي يتعرض لها لبنان، صحيح “تعبت شيخ بشير بس لقيت”، صحيح انك استشهدت لكنك لم تمت، لا تزال حيا ومستمرا من خلال استمرارنا، وأعدك أن نصل الى ما كنت تحلم به مهما كلف الأمر”.
وافتتح المؤتمر بكلمة ترحيبية للإعلامية ستريدا بعينو، تحدث بعدها رزوق مفندا “بشير الحلم، القائد والرئيس الذي علمنا قول الحقيقة مهما كانت صعبة ومواجهة المخاطر والأمور المستحيلة”.
ثم ألقى نون كلمة وصف فيها بشير الجميل ب”قدوة القواتيين وحلم اللبنانيين، فهو صاحب الأحلام الكبيرة التي لم ولن تنتهي، سقط في سبيل قضيتنا ووطننا لبنان. بقرار منه بنى دولة في واحد وعشرين يوما، بشير الذي علمنا الصمود من الأشرفية وعين الرمانة إلى بلا وقنات وزحلة. فكما بالأمس كذلك اليوم نحن نعيش مرحلة صعبة أسماها الدكتور سمير جعجع مرحلة صمود ومواجهة، وهذه ليست المرة الأولى في تاريخنا التي نواجه فيها هكذا صعاب لكننا استمرينا واليوم نحن مستمرون بقيادة الحكيم حتى تحقيق حلم البشير”.
تخلل اللقاء حوار مع يزبك حول انطلاقة بشير الجميل السياسية، وعلاقته مع مختلف الاطراف في حينها، مسلطا الضوء بشكل أساسي على دور الإعلام في صعوده ووصوله إلى رئاسة الجمهورية.
كما عرض خلال الاحتفال فيديو وثائقي تضمن نشأة الجميل، ومقابلة مع أسعد سعيد تناول فيها نشأة القوات اللبنانية ومراحل نضاله العسكري مع الجميل، ووجه له رسالة في الذكرى 41 لاستشهاده قائلا: “مستمرون”.