هل قلة النوم تسبب فقدان الوزن؟
كتبت شانتال عاصي في “الديار”: يعد فقدان الوزن والنوم جانبين أساسيين من جوانب صحة الإنسان، وغالبًا ما يتقاطعان بطرق معقدة. وفي حين أن العلاقة بينهما قد لا تكون واضحة جداً، إلّا أن أثبتت العديد من الدراسات أن النوم يؤدي دورًا مهمًا في تنظيم وزن الجسم والتمثيل الغذائي.
بحسب اختصاصية التغذية جولين نبهان، إنّ إحدى الآليات الرئيسية التي يؤثر النوم من خلالها في فقدان الوزن، هي التنظيم الهرموني للشهية والتمثيل الغذائي. فتبين أن الحرمان من النوم يعطل توازن الهرمونات مثل اللبتين والجريلين. ينخفض هرمون اللبتين، وهو الهرمون المثبط للشهية، عندما لا يكون النوم كافيا، بينما يزداد هرمون الجريلين، وهو الهرمون المحفز للشهية. هذا الخلل الهرموني يمكن أن يؤدي إلى زيادة الجوع والرغبة الشديدة في تناول الأطعمة ذات السعرات الحرارية العالية، مما يجعل الالتزام بنظام فقدان الوزن أكثر صعوبة.
اضافت: كما يمكن أن يؤدي الحرمان من النوم إلى الإصابة بحالة مقاومة الأنسولين، وهي حالة تصبح فيها خلايا الجسم أقل استجابة للأنسولين، مما يؤدي إلى ارتفاع مستويات السكر في الدم. وهذا لا يزيد من خطر الإصابة بمرض السكري من النوع الثاني فحسب، بل يعيق أيضًا جهود فقدان الوزن، لأن مقاومة الأنسولين يمكن أن تعزز تخزين الدهون بدلاً من الاستفادة منها، مؤكدة أن النوم عامل حاسم في تحديد عدد السعرات الحرارية التي يحرقها الجسم على مدار اليوم، فعندما يحصل الأفراد على راحة جيدة، يكون لديهم المزيد من الطاقة، ويكونون أكثر نشاطًا، ويشاركون في الأنشطة البدنية. وعلى العكس من ذلك، فإن الأفراد المحرومين من النوم يميلون إلى أن يكونوا خاملين وأقل تحفيزًا لممارسة الرياضة. فقلّة ممارسة النشاط البدني المنخفض يمكن أن يعيق التقدم في فقدان الوزن عن طريق تقليل الإنفاق الإجمالي للسعرات الحرارية.
كما يعمل كمنظم طبيعي للضغط، فيمكن أن يؤدي الحرمان المزمن من النوم إلى ارتفاع مستويات هرمون التوتر الكورتيزول، وترتبط مستويات الكورتيزول المرتفعة بزيادة تراكم الدهون في البطن، وهو ما يضر بشكل خاص بصحة الفرد وأهداف فقدان الوزن.
أسباب تجعل النوم يساعد على فقدان الوزن
تم ربط فترة النوم القصير، التي تعرف عادة على أنه أقل من 6-7 ساعات – بشكل متكرر بمؤشر كتلة الجسم الأعلى وزيادة الوزن. ووجد تحليل واحد من 20 دراسة شملت 300000 شخص زيادة خطر السمنة بنسبة 41% بين البالغين الذين ينامون أقل من 7 ساعات في الليلة. وفي المقابل، لم يكن النوم عاملًا في تطور السمنة لدى البالغين الذين ينامون لفترة أطول (7-9 ساعات في الليلة). كما أن مدة النوم القصيرة مرتبطة بشكل كبير بمحيط الخصر الأكبر، وهو مؤشر على تراكم دهون البطن.
وتقول نبهان ان أسبابا تجعل النوم يساعد على فقدان الوزن، وهي:
– تحسين التمثيل الغذائي: قد يساعد الحصول على قسط كافٍ من النوم على تجنب النقص في التمثيل الغذائي، وهى عملية لازمة للحفاظ على الوزن الصحي للجسم، والعمل على تنحيفه حال المعاناة من زيادة الوزن. ووفقًا للعديد من الدراسات، فإن الحرمان من النوم يقلل بشكل كبير من مستوى أداء العمليات الحيوية في الجسم.
– المساهمة في خفض الشهية: قد يساعد الحصول على قسط كافٍ من النوم في منع زيادة الرغبة ات في تناول السعرات الحرارية وخفض معدل الشهية التي يمكن أن تحدث عندما تكون محرومًا من النوم. ووجدت العديد من الدراسات أن الأشخاص الذين يعانون من الحرمان من النوم يفيدون بوجود زيادة في الشهية وزيادة الرغبة في تناول السعرات الحرارية اليومية. وأظهرت دراسة أخرى أن الحرمان من النوم أدى إلى زيادات كبيرة في الجوع، والرغبة الشديدة في تناول الشوكولاتة والدهون.
– تعزيز النشاط البدني: النوم والنشاط البدني تربطهما علاقة وثيقة ذات اتجاهين، حيث إن قلة النوم تقلل من النشاط البدني، وقد تؤدي قلة النشاط البدني إلى تدهور النوم. وأظهرت العديد من الدراسات، أن التمارين المنتظمة يمكن أن تقلل الوقت الذي تستغرقه في النوم، وتزيد من جودته بشكل عام لدى جميع الفئات العمرية.
– المساعدة على اتخاذ خيارات غذائية أفضل: قد يساعدك الحصول على قسط كافي من النوم على اتخاذ خيارات غذائية صحية، حيث أن قلة النوم تغير طريقة عمل العقل، ويمكن أن تؤثر في اتخاذ القرار، وهو ما قد يجعل من الصعب اتخاذ خيارات غذائية صحية ومقاومة الأطعمة غير الصحية. وأظهرت دراسة أن الحرمان من النوم أدى إلى زيادة حساسية الشم للأطعمة عالية السعرات الحرارية وزيادة استهلاكها. وقد يساعد النوم في وقت مبكر على تجنب تناول الوجبات الخفيفة في وقت متأخر من الليل، والتي غالبًا ما تأتي مع البقاء مستيقظًا بعد وقت النوم الطبيعي المحدد.
ويلعب النوم دورًا حاسمًا في تنظيم الهرمونات، التمثيل الغذائي، إنفاق الطاقة، والوظيفة الإدراكية، وكلّ هذه العوامل تؤثر في قدرة الفرد على إنقاص الوزن بشكل فعال. فهذا الارتباط بين النوم وإنقاص الوزن، يمكن أن يرشد الأفراد إلى اتخاذ خيارات مستنيرة لتحديد أولويات النوم كجزء لا يتجزأ من رحلة فقدان الوزن. لذا، يعد تحقيق التوازن بين جودة وكمية النوم أمرًا ضروريًا ليس فقط لتعزيز فقدان الوزن بنجاح، ولكن أيضًا لتعزيز الصحة على المدى الطويل. لذلك، يجب على أي شخص يشرع في رحلة فقدان الوزن أن يفكر في تحسين أنماط نومه كاستراتيجية حيوية لتحقيق أهدافه.