قراءة لـ “The Washington Post” تكشف.. لهذا السبب وافق بوتين على الهدنة
بعد أن تعهد بالانتقام مما أسماه “تمرد مسلح”، وافق الرئيس الروسي فلاديمير بوتين على حل وسط. وتشير السرعة التي وافق في خلالها على الالتزام بهذا الحل إلى أن إحساسه بالضعف قد يكون أعلى مما يعتقده المحللون.
وبحسب صحيفة “The Washington Post” الأميركية، “الأكيد أن بوتين أنقذ نظامه من الانهيار يوم السبت، لكن هذا اليوم لن يُنسى وسيُذكر على أنه اليوم الذي شهد على تفكك روسيا كقوة عظمى، وهذا هو إرث بوتين الحقيقي. من المرجح أن يكون اتفاق بوتين مع زعيم مجموعة “فاغنر” المنشق يفغيني بريغوجين بمثابة هدنة مؤقتة في أحسن الأحوال. وأعلن المتحدث باسم الكرملين ديميتري بيسكوف أن المتمردين توجهوا إلى بيلاروسيا، في صفقة توسط فيها صديقه ألكسندر لوكاشينكو، مقابل إسقاط بوتين التهم الموجهة إلى بريغوجين وجنوده”.
وتابعت الصحيفة، “كان هذا انقلابًا حقيقيًا، إلا أنه لم يكتمل. نهار السبت، سار بريغوجين برفقة مجموعته والتي يبلغ قوامها 25 ألف رجل نحو بوابات موسكو، ومروا عبر مقر القيادة الأوكرانية الروسية في روستوف أون دون وشمالًا إلى فورونيغ. وأفادت المصادر أن جهاز الأمن الفيدرالي الروسي وضع حواجز على طول الطريق، ولكن دون تأثير يذكر، كما واستدعى بوتين الحرس الوطني للدفاع عن موسكو. وكما قال بوتين في خطابه يوم السبت، كانت هذه لحظة مشابهة لثورة 1917، عندما كانت البلاد تخوض الحرب العالمية الأولى، وعلى حد تعبير بوتين، “الروس يقتلون الروس، الإخوة يقتلون الإخوة”.”
وأضافت الصحيفة، “كانت الأسئلة التي سادت في واشنطن وعواصم العالم الأخرى هي ما إذا كان بريغوجين سيواصل “مسيرته من أجل العدالة” في العاصمة وما إذا كان بوتين سيأمر القوات الروسية بإطلاق النار على المتمردين لوقف تقدمهم. وبحسب المصادر، مع تحرك قوات فاغنر شمالًا، لم يتبعها الجيش النظامي ولم يعرقلها. إن المجانين فقط هم من يقفزون إلى الهاوية في مثل هذه المواقف، واللافت أن لا بوتين ولا بريغوجين مجانين. فيمكن تشبيه هذه الحادثة بمبارزة حيث يطلق المقاتلون النار في الهواء معلنين تأجيل القتال إلى يوم آخر”.
وبحسب الصحيفة، “لم يكن أمام بوتين سوى خيارات سيئة، وكان يعلم ذلك. فكان بإمكانه وضع القوات الشيشانية بقيادة رمضان قديروف في وجه فاغنر في روستوف، إلا ان مثل هذا القرار كان سيشكل فوضى وحشية. لم يكن بوتين متأكداً مما إذا كانت وحدات الجيش النظامي ستطيع أوامره. وكان هذا الامر سيضعه في موقف لا يستطيع السيطرة عليه، وبوتين لا يخاطر في اتخاذ مواقف مماثلة. واللافت في هذه الـ 24 ساعة المجنونة هو أن بوتين تمكن من نزع فتيل الأزمة من دون أي مواجهة عسكرية كبيرة”.
وتابعت الصحيفة، “لدى بوتين موهبة غير عادية، إن أمكن تسميتها كذلك، لإدارة الحكم. فمن خلال نظراته يجسد عبارة “لا تدعهم يرونك مرتبكا أبدًا”. لكن السبت كان مختلفا. فمع تذكير العالم بثورة عام 1917، أعاد بوتين الروس إلى الضربات المحلية المدمرة التي أعقبت انتكاساتهم في الحرب العالمية الأولى. وقال: “الآن كما في ذلك الوقت، كان العدو خارجيًا”. إن هذا المزيج السام من انعدام الأمن والاعتزاز القومي الروسي لا يزال وقود بوتين كقائد”.
وأضافت الصحيفة، “يبدو أن رد إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن على هذا اليوم المجنون في روسيا هو نسخة من النصيحة المنسوبة إلى نابوليون: “لا تقاطع عدوك أبدًا عندما يرتكب خطأ”. ظل بايدن وفريقه على اتصال بالقادة الأجانب. وتحدث مسؤولو البيت الأبيض ووزارة الخارجية إلى الديمقراطيات الكبرى الأخرى، المعروفة باسم مجموعةالسبع وانضم إليهم كل من الهند وأستراليا كأعضاء في “الرباعية”. وكانت الرسالة من المحادثات، كما ورد، لا تجعلوا الأزمة في روسيا أكثر خطورة بالسعي للتدخل أو الاستفادة من الفوضى. وركزت هذه الرسالة بشكل خاص على أوكرانيا. ومن الواضح أن الأوكرانيين اتبعوا هذه النصيحة”.
وختمت الصحيفة، “ما سيأتي بعد ذلك بالتأكيد هو المزيد من المتاعب لبوتين في أوكرانيا”.
المصدر: خاص “لبنان 24”